من بين الفعاليات الثقافية المختلفة، يبقى الاشتغال بالفلسفة رهينَ المعالجات الأكاديمية، إذ قلّما يُقيّض لجمهور واسع الاطّلاع عن قُرب على أهم الأفكار، أو الخوض مع مُنتجيها في لقاءات دورية، على عكس ما تشهده حقول ثقافية وفنية أُخرى، قد تُساعد طبيعتها في قربها أكثر من المتلقّين. وإن كان هذا لا يكفي طبعاً، حيث الحُكم في نهاية الأمر إلى المضمون.
في هذا الإطار، تنظّم مؤسسة "المدى: فيلا الفنون" بالرباط، في أيام الجمعة (13 كانون الثاني/ يناير، و17 شباط/ فبراير، و10 آذار/ مارس)، "أمسيات فيلا الفنون الفلسفية" التي سيقدّمها الباحث فؤاد بن أحمد، أستاذ الفلسفة ومناهج البحث بمؤسسة "دار الحديث الحسنية" التابعة لـ"جامعة القرويين".
وحسب بيان المنظّمين، فإنّ سلسلة المحاضرات الفلسفية الشهرية هي ذاتُ طابع تفاعُلي، وموجّهة لعموم المهتمّين والشباب والطَّلبة حول مواضيع التراث الفلسفي والعِلمي للحضارة العربية والإسلامية، إلى جانب أنّه يمكنُ اعتبارُها دروساً حول التعددية الثقافية واللغوية والدينية.
تنطلق المحاضرات عند الساعة السادسة مساء، وتتناول المحاضرة الافتتاحية المعنونة بـ"التراث العِلمي والفلسفي بصيغة التعدّد" مسألة نشأة العلوم الكلامية والتطوّرات التي حصلت على مسار الفلسفة الإسلامية، منذ بداياتها التكوينية الأُولى في القرن الثاني للهجرة وما بعده.
أمّا المحاضرة الثانية "المسلمون وبدايات الاحتكاك بالمراكز العِلمية والفلسفية"، فتبحثُ في أثر التفاعُل مع المراكز العِلمية التي كانت موجودة في منطقتَي الشام والعراق، وما يجاورهما من أقاليم. في حين تُركّز المحاضرة الثالثة والأخيرة على موضوعة "الفاعلون السريان في الترجمات العِلمية والفلسفية"، وتبيّن فاعلية هذه العناصر في نقل الكثير من العلوم إلى العربية، وإنعاشها الكبير لحركة الترجمة.