في عام 2012، أطلقت "مؤسسة الثقافة الإسلامية" و"منظمة إنوفارتي" في مدريد مشروعاً بحثياً يوثّق استخدامات اللون في تاريخ المغرب، ضمن مجالات عديدة منها العمارة والتصميم والأزياء والحلي والأثاث والسجّاد، وعلاقتها بالطبيعة وتضاريس البلاد.
بدأ المشروع بالتقاط مجموعة كبيرة من الصور لمعالم عمرانية، أو مصنوعات تقليدية، أو أمكنة طبيعية تعكس واقع الحياة الاجتماعية والثقافية منذ دولة الموحّدين في القرن الثاني عشر الميلادي وصولاً إلى اليوم، وقرأ عدد من الباحثين أوراقاً تضيء تاريخ الصورة وجمالياتها أيضاَ، لتقدّم لاحقاً في معرض وكتاب مطبوع.
يُفتتح عند العاشرة من صباح بعد غدٍ الخميس في "البيت العربي" بالعاصمة الإسبانية معرض "الألوان الثقافية للمغرب" ويتواصل حتى الحادي والعشرين من أيار/ مايو المقبل، بعد أن تنقّل المعرض بين عدد من المدن المغربية والإسبانية خلال السنوات الماضية.
ويشير تقديم المنظّمين إلى أن "كلّ لون اكتسب رمزية معينة، وتجلّى في العوائد الاجتماعية والدينية والفنية حتى اللحظة الراهنة. ومع مرور الزمن، اكتسى دلالات جديدة ونوعية، ظل ّبعضها حاضراً إلى الوقت الراهن، بحيث اندمج في الشخصية الثقافية للشعب المغربي".
يتضمّن المعرض قراءات سيميائية وإثنولوجية اقترحها الباحثون: مارغا كريسبو، وإليزابيث إيغيا وفرانسيسكا بالان، ضمن نصوص تعلّق وتشرح الصور التي التقطها كلّ من المصوّرين الفوتوغرافيين إليزابيث إيغيا وخوان غارسيا كالفيس وإنيس إليكسبورو.
ويشتمل على خمسة أقسام؛ الأول يستكشف نشأة صناعة الأصباغ في المغرب التي اعتمدت في أزمنة ماضية على نباتات وخامات طبيعية مثل: القرمز وحب العصفر والزعفران والحناء ونبات النيلة وغيرها، مع توضيح طريقة الحصول على هذه الإصباغ، ويستعرض القسم الثاني التناغم اللوني بين الأحياء والشوارع والبيوت والأسواق ودور العبادة وغيرها من المعالم.
أما القسم الثالث فيخصّص للحِرف اليدوية بوصفها النشاط الاقتصادي المكمّل للزراعة في المغرب، حيث يمثّل مهنة أساسية يحتاجها الناس لصناعة ما يلزمهم من أدوات منزلية وألبسة وقطع أثاث، كما أنها تمثّل صناعة الرفاهية بما تنتجه من تحف ومجوهرات وأدوات زينة وغيرها، وتشترك المعروضات هنا مع القسم الرابع الذي يعنى بالتراث بشقّه المادي المرتبط بتطبيقات الألوان في المنسوجات والسيراميك والمعادن وقطع الخشب، وكذلك شقّه غير المادي ذي الصلة بالمهرجانات وحفلات الزفاف والطقوس والمواسم الشعبية،
يحمل القسم الخامس والأخير عنوان "مسارات ملوّنة"، ويشتمل على صورٍ لعدد من الرحلات التي قام بها الفوتوغرافيون في عدد من المدن والبلدات المغربية، على طول ساحل المحيط الأطلسي، وكذلك منطقة الريف في الشمال، وجبال الأطلس والصحراء وقلاع الجنوب.