يصدر قريباً كتاب "رحلات دورر: أسفار فنان عصر النهصة" للباحثين بيتر فان دين برينك وسوزان فويستر عن "منشورات جامعة يال"، الذي يتناول تجوال الفنان الألماني ألبريخت دورر (1471-1528) في أنحاء أوروبا ، والذي أثّر في تجربته من خلال استكشافه الممارسات الفنية للعديد من رسّامي عصر.
يروي دورر في يوميّات رحلاته علاقاته مع فنانين من إيطاليا وصولاً إلى هولندا، ومن بينهم جيوفاني بيليني (1430 – 1516)، وجوس فان كليف (1485 – 1540)، وجان جوسايرت (1878 – 1532)، ولوكاس فان ليدن (1494 – 1533)، كوينتين ماسيس (1464 – 1530)، وبرنارد فان أورلي (1487 – 1541).
يجمع الكتاب بين اللوحات والرسومات والمطبوعات التي يمكن الاطّلاع عليها في معرض يحمل الاسم نفسه، افتُتح في الثالث عشر من الشهر الجاري في "الغاليري الوطني" في لندن، ويتواصل حتى السادس عشر من أيار/ مايو المقبل.
يضيء المعرض مجموعة من الأسفار التي قام بها دورر في مطلع القرن السادس عشر، وما سجّله من ملاحظات وتعليقات حول لقاءاته بالفنّانين ورعاة الفن آنذاك، وانعكاسها في أكثر من مئة لوحة رسَمَها، وكذلك في نظريّاته التي شُغف فيها بالمنظور والتشريح، والتي ضمّنها في عدد من مؤلّفاته.
يوثق المنظّمون رحلة الفنان (مولود في مدينة نورمبرغ) إلى جبال الألب ومنها إلى إيطاليا في منتصف تسعينيات القرن السادس عشر؛ ثم إقامته في مدينة البندقيّة بين عاميْ 1505 و1507 ؛ وكذلك إل هولندا بين عاميْ 1520 و1521.
وتمّت استعارة لوحة دورر "مادونا والطفل" التي نفّذها بين عامي 1496 و1499 من "المعرض الوطني للفنون" في واشنطن، وتمثّل محطّة مهمة في تاريخ عصر النهضة في شمال أوربا، وهي واحدة من سلسلة لوحات قدّم فيها صورة العذراء مع ابنها المسيح.
كما تُعرض لوحة "لوط وبناته"، التي استوحاها من سِفر التكوين في العهد القديم، وفيها يفرّ النبي لوط مع ابنتيه هرباً من دمار سدوم وعمورة اللتين لحق بهما عذاب إلهي. وتُظهر اللوحة تأثير فنّاني عصر النهصة الإيطاليين عليها، ولا سيّما جيوفاني بيليني.
على هذا النحو، تعكس اللوحات المعروضة أهمّيّة أسفار دورر في تطوّر أسلوبه وتقنيّاته، كما يتمّ استكشاف أثر إقامته في البندقيّة على ما وضعه من تنظيرات حول التشريح ونِسب الأبعاد البشريّة في اللوحة، وعرْضُ أهمّ الأشخاص والأماكن والمناظر الطبيعية التي رسمها خلال تلك الأسفار.