في السابعة عشرة من عمرها، عرضت أرتيميسا جنتلسكي أولى لوحاتها التي تميّزت بطابعها المثالي، ضمن أسلوب مغاير لوالدها الذي كان أوّل معلم لها، واستمّدت معظم رسومها مثل فناني عصر الباروك الذي عاشته من قصص وأحداث تاريخية تضمّنها الكتاب المقدّس.
تُقام في الأعوام الأخيرة العديد من المعارض الاستعادية للفنانة الإيطالية (1593 - 1656) التي انفردت بأعمالها التي تصوّر نساء قويّات ولديهن حضور بارز في الأساطير، أو اللواتي تعرّضن إلى معاناة وقدّمن تضحيات كبرى، ما جعلها أول فنانة تقبل عضويتها في أكاديمية الرسم في فلورنسا.
حتى الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير المقبل، يتواصل في "الغاليري الوطني" بلندن معرض لأرتيميسا الذي افتتح في الثالث من الشهر الجاري، وقد وضع رؤيته القيّم الفني غابرييل فيناليدي، أحد المتخصّصين في عصري النهضة والباروك.
يضمّ المعرض لوحة "سوزانا والحكماء"، أشهر لوحات الفنانة التي استحوذ موضوعها على اهتمام العديد من فناني عصرها، وتظهر فيها سوزانا الفاضلة التي يروي العهد القديم قصتها حين تعرّض إليها شخصان سيئا السمعة، وهي تتتهيأ للاستحمام داخل نافورة، إلا أنها رفضت الاستسلام لهما حتى لا توسم بالخطيئة وتعاقب عليها بالموت، وهي قصة تتقاطع مع تجربة أرتيميسا الشخصية حيث تعرّضت للاغتصاب من قبل أستاذها أغوستينو تاسي.
تُعرض أيضاً لوحات تنتمي إلى الفترة التي أقامتها في فلورنسا، ومنها لوحة "يهوديت تذبح هولوفيرنوس" التي استمدتها من قصص العهد القديم كذلك، وفيها مشهد يهوديت وهي تحزّ رأس هولوفرن، وهو تصوير شائع في الفن منذ أوائل عصر النهضة، كجزء من مجموعة من الموضوعات التي يطلق عليها نقاد الفن "قوة المرأة"، حيث تُظهر النساء ينتصرن على الرجال الأقوياء، وهي محاكاة للواقعة المزعومة في التوراة حول اغتيال الجنرال الآشوري هولوفيرن على يد امرأة يهودية، بمساعدة خادمتها التي جزت رأس الجنرال بعد أن غرق في النوم وهو في حالة سكْر.
وقد رسمت أرتيميسيا جنتيليشي هذه اللوحة عام 1912، ثم نفّذت نسخة أحدث من العمل مطلع العام 1620.
وإلى جانب ذلك يشتمل المعرض على لوحات تعبّر عن الباروك الإيطالي، وأهمُّ سماته تكويناته البسيطة والعدد المحدود من الشخصيات في اللوحة، والاهتمام بمصدر الضوء الذي يخلق مشهداً ميلودرامياً.