يمثّل أحمد رضا حوحو (1910 - 1956) واحداً من مؤسّسي الأدب الجزائري الحديث المكتوب بالعربية، من خلال أعماله السردية المبكرة؛ ومن بينها: رواية "غادة أم القرى" (1947)، والمجموعتان القصصيتان "صاحبة الوحي" (1954) و"نماذج بشرية" (1955)، وكتاب المقالات الساخرة "مع حمار الحكيم" (1953).
جمع رضا حوحو بين الكتابة الأدبية والترجمة والنشاط في المجال الثقافي، المسرحي، خصوصاً، والصحافي، إلى جانب نضاله ضدّ الاستعمار الفرنسي، وهو ما أدّى إلى اعتقاله وتعذيبه وإعدامه في قسنطينة ربيع 1956؛ حيث عُثر على جثمانه في مقبرة جماعية بعد الاستقلال.
هذه التجربة تجعل من الكاتب الجزائري، الذي تمرّ الذكرى الثانية عشرة بعد المئة لميلاده في منتصف الشهر المقبل، "نموذَجاً للمثقّف الملتزم الذي اعتنق القضية الوطنية، وناضل في كتاباته من أجل نشر الوعي بضرورة الكفاح من أجل الحرية وإعلاء القيم الإنسانية"، مثلما أشار مشاركون في ملتقى تُنظّمه المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية، في مدينة عنّابة أمس واليوم، بالشراكة مع "مخبر الأدب العام والمقارن" في "جامعة باجي مختار" بالمدينة نفسها.
في هذا السياق، اعتبر الأكاديمي علي خفيف أنّ رضا حوحو "ينتمي إلى مدرسة الأدب الذي يُعنى بقضايا الواقع؛ حيث لم تخرج أعماله الأدبية عن معالجة قضايا المجتمع الجزائري وواقعه، كما في روايته "غادة أم القرى" التي كتبها حين كان في السعودية"، مضيفاً أنّ كتاباته "تندرج في سياق قيم الحركة الوطنية والنضال من أجل الحرية".
كان سبّاقاً في طرح قضية الصراع بين الحضارات في بداية الأربعينيات
وأشار خفيف إلى أنّ الكاتب الراحل جمع، في نصوصه القصصية والروائية والمسرحية، بين الأسلوب الجادّ والتعبير الساخر، متناولاً فيها مواقف وقضايا مختلفة؛ مثل الحرية، والعدالة الاجتماعية، وقضايا المرأة، كما "كان سبّاقاً في طرح قضية الصراع الحضاري في بداية الأربعينيات، من خلال كتابه "جولة في دنيا الخيال"، وفق تعبيره.
من جهته، تناول الأكاديمي علاوة موسى، في مداخلته التي حملت عنوان "تجلّيات الثورة في قصص رضا حوحو"، ما سمّاها الرؤية الاستباقية لدى الكاتب الراحل، والتي قال إنّها تبرز في تركيزه على ضرورة نشر الوعي الاجتماعي، تحضيراً للعمل الثوري ضدّ الاستعمار، مضيفاً: "كان ثائراً على السبات الذي يُطفئ الشعلة الثورية في النفوس".
أمّا الأكاديمية عواطف سليماني، فتناولت حضور ثيمة "الهامش" في نصوص رضا حوحو، مُشيرةً إلى أنّ قضية الصراع بين "المركز" و"الهامش" شكّلت موضوعاً رئيسياً في عددٍ من أعماله.