آمنة الحسن.. استذكار أحياء الخرطوم بعينَي طفل

28 يونيو 2024
"في الصفّ"، أكريليك على قماش، 100 × 120 سم (من المعرض)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التشكيلية السودانية آمنة الحسن تستعرض معرضها "أشياء كنتُ أعرفها عندما كنتُ صغيرة" في فرانكفورت، مستلهمة ذكريات طفولتها في السودان وتأثيرات الحرب عليها، مع تركيز على الأجواء المدرسية والحيوانات الأليفة.
- تستخدم الحسن تقنية التضخيم لتصوير العالم من منظور الطفولة، مع لوحات تبرز الفرادة والإسقاطات الخاصة، مثل "في الصف" و"عودة إلى المدرسة"، وتعكس اللوحات خليطاً من البراءة والخوف.
- العمل يعكس حنين الحسن إلى طفولتها وحيها في الخرطوم، مع تأكيد على دور الظلال والألوان الفاقعة في خلق أجواء من البراءة الممزوجة بالخوف، ويسلط الضوء على قضايا النساء ودورهن في الثورة السودانية.

بأجواء مدرسية تعجّ بالكتب والدفاتر والأطفال، إلى جانب الكثير من الحيوانات الأليفة، والأشكال الطفولية المحدَّدة بألوان فاقعة، اختارت التشكيلية السودانية آمنة الحسن (1988) استذكار بلادها التي نالت منها مآسي الحرب، من خلال معرضها "أشياء كنتُ أعرفها عندما كنتُ صغيرة" الذي افتُتح أمس الخميس في "غاليري ساخيل آند مي" بمدينة فرانكفورت الألمانية، ويتواصل حتى السابع عشر من آب/ أغسطس المُقبل.

التضخيم هو السمة الغالبة في الأعمال، وهي تقنية الأطفال في تصوُّرهم للعالَم، حيث كلّ شيء من حولهم متعملِقٌ وكبير. وتبدو لوحتا "في الصفّ" و"عودة إلى المدرسة" عملَين مركزيّين في المعرض، وفيهما تَبرز فرادة الإسقاط أو الزاوية التي تلتقط منها الفنّانة المشهد. ففي الأُولى تظهر طالبة في سِنِيها المدرسية الأُولى بجوار أخيها، يُشاركهما قطٌّ منزليّ وفأر في حلّ المسألة، أو ربّما العبث و"الشخبطة"، وفي الثانية فتاةٌ تسير على الطريق وتحمل حقيبة مدرسية، أمّا العنصر المُشارِك هُنا فهي الأشجار بخطوطها المرسومة على عجَل وكتلتها العبثية.

الصورة
عودة إلى المدرسة - القسم الثقافي
"عودة إلى المدرسة"، أكريليك على قماش، 30 × 40 سمة

في لوحات الحسَن هناك إلحاحٌ على العودة إلى الطفولة ومقاييسها والنظَر إلى العالم من خلالها، وهذا لم يبدأ في معرضها القائم، بل هو أسلوب سبق أن اعتمدته في معارضها السابقة، أحياناً تُضيف عليه سماتٍ أُخرى فتتراجع ملامح الطفولة وأشباحها إلى خلف المشهد، وأطواراً تُضاعِفُها وتزيد من قوّتها، كما هو الحال في "أشياء كنتُ أعرفها عندما كنتُ صغيرة".

ويمكن الملاحظة أنّ للظلال في لوحات المعرض الإحدى عشر دوراً مهمّاً، وإن كانت خفيفة ويصعب تجاورها مع الألوان الفاقعة، لكنّ حضورها الحقيقي يبدأ حين تقوم بتشكيل كائنات عجيبة مثل "أمير، الوسادة" و"الطائر العجيب" و"لعبة حمراء" حيث تُعيدنا إلى عوالم الرسوم المتحرّكة التي تنضح بالكثير من البراءة، وإن كانت تُسبّب لنا الذُّعر والإرباك بعد مغيب الشمس.

الصورة
الطائر العجيب - القسم الثقافي
"الطائر العجيب"، أكريليك على قماش، 40 × 50 سم (من المعرض)

بعيداً عن الألوان والأشكال التي تبدو بشكل ظاهريٍّ أنّ مُحرِّكها الفرح، هناك خوفٌ عميق، وهو الملمح النفسي الكامن وراء اللوحات، وهذا لا نُلاحظه فقط في عناوين بعينها مثل "مُخيف" (قطٌّ مُحمَرٌّ مُصفَرٌّ وقَفَ شعرُ بدنه)، أو "هبوط" (كائن عجيب يُحدّق في ظلّه مُرتعباً)، بل هو غلالة تغلّف أجواء المعرض. نحن أمام حنين إلى منزل وحارة (حي شمبات في الخرطوم، حيثُ عاشت طفولتها) في بلد خرج من حرب قديمة ليدخل في أُخرى أعنف وأكثر دماراً حتى لم يبق من فعل التذكُّر سوى الخوف المُهيمِن.

الصورة
مخيف - القسم الثقافي
"مُخيف"، أكريليك على ورق، 30 × 40 سم (من المعرض)

آمنة الحسن هي فنّانة وتشكيلية سودانية، حصلت على إجازة في الهندسة المعمارية من "جامعة الخرطوم" عام 2010، والماجستير في التصميم من "جامعة سابينزا" في روما عام 2013. تُركّز في أعمالها على قضايا النساء ودورهنّ البارز في ثورة ديسمبر 2018. أنجزت جدارية بعنوان "ديسمبر" موجودة في "متحف شيرن للفنون" بفرانكفورت، كما أقامت عدّة معارض في مصر وتونس وأوغندا وألمانيا.

المساهمون