"نظرة نسائية": سبعة عقود من فوتوغرافيا الشارع

03 فبراير 2022
شارع بروم بنيويورك في صورة لـ بيرينيس أبوت، 1935 (من المعرض)
+ الخط -

في كتابها "حول الفوتوغراف"، الذي يُعَدّ من الكتب الأساسية التي تتناول فنّ التصوير في اللغة الإنكليزية من وجهة نظر فكرية، تخصّص المفكّرة والروائية الأميركية سوزان سونتاغ (1933 - 2004) صفحاتٍ عدّة لوصف وتحليل أعمال مواطنتها المصوّرة ديان آربوس (1923 - 1971)، حيث تصف قدرتَها على تقديم سرديةٍ عن مدينة نيويورك وشوارعها وناسها مضادّة للسردية الرسمية، المهيمِنة، وذلك انطلاقاً من صوَر الغرباء والمهمّشين التي كانت تلتقطها في أحياء المدينة الأميركية منتصف القرن الماضي.

صحيحٌ أن سونتاغ تستحضر العديد من النساء المصوّرات في كتابها (الذي نقله إلى العربية عباس المفرجي: "المدى"، 2013)، إلّا أن هؤلاء ما يزلن تقريباً في الظلّ عندما يجري الحديث عن التصوير الضوئي، ولا سيما عن ما يُعرف بتصوير أو فوتوغرافيا الشارع، والذي لا يكاد التاريخ يذكر من رموزه إلّا مصورين رجالاً، مثل والكر إيفانز، عرّاب هذا الفن الفوتوغرافي في أميركا، والفرنسي هنري كارتييه بريسون، عرّابه في فرنسا.

معرض "نظرة نسائية"، الذي افُتتح في "غاليري هوارد غرينبرغ" بنيويورك في الثامن عشر من كانون الثاني الماضي، ويستمرّ حتى الثاني من نيسان/ أبريل المقبل، يأتي ليُوسّع هذه النظرة المتمركزة حول أعمال المصوّرين الذكور، باقتراحه صوراً لاثنتي عشر مصوّرةً أساسية في تاريخ التصوير بالشارع.

الصورة
عمل بلا عنوان لـ روث أوركين من المعرض
عمل بلا عنوان لـ روث أوركين (من المعرض)

تغطّي صور المعرض مرحلةً تمتدّ من ثلاثينيات القرن الماضي، مع أعمال بيرينيس أبوت التي تلتقط بُطء نيويورك وهدوءها في ذلك الوقت، وصولاً إلى السنوات القليلة الماضية، التي أنجزت خلالها جودي بيبر مشروعاً بدأته في التسعينيات، ويتمثّل في توثيق يوميات الأطفال والمراهقين في شوارع جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا.

لكن باستثناء اشتغالات جودي بيبر في أكبر مدن جنوب أفريقيا، تدور الصور المعروضة في أجواء أميركية، حيث قضت أغلب المصوّرات اللواتي تُعرض صورهنّ، حياتهنّ في نيويورك، ما يجعل المعرض أشبه ببورتريهٍ من وجهة نظر نسائية، ممتدّ على أكثر من عقد، للمدينة الأميركية.

تعال اخرج معنا لجودي بيبر 1996 جوهانسبرغ من المعرض
"تعال اخرج معنا" لـ جودي بيبر، جوهانسبرغ، 1996 (من المعرض)

على أننا لا نقف هنا، بالضرورة، على تلك المدينة التي نعرفها في أعمال أشهر مصوّري الشارع الأميركيين؛ فاللقطات الواسعة والمباني الكُبرى والشوارع المزدحمة تكاد تغيب عن أغلب الصور المعروضة، في حين يبرز بشكل كبير الحضور النسائي في المدينة، ضمن بورتريهات لنساء يعبرن الشارع أو يجلسن على مقعد، كما تحضر تحوّلات المدينة بين الفصول، حيث تكاد عناصر الطبيعة، من ثلج وأشجار، تأخذ مكان الأفراد الذين يأخذون موقعاً ثانوياً، حتى أننا لا نراهم إلّا من ظهورهم أو من الأعلى، كما في أعمال روث أوركين وباربارا مورغان.

المساهمون