قبل أيام، دعت قرابةُ ثلاثين دار نشر جزائرية وزارةَ الثقافة إلى تأجيل "معرض الجزائر الدولي للكتاب" المقرَّرة إقامتُه، هذا العام، بين الرابع والعشرين والواحد والثلاثين من آذار/ مارس المقبل، مُعدِّدةً، في بيان لها، جُملةً من المبرّرات؛ مِن بينها اشتراطُ دفتر التلقيح ضد فيروس كوفيد-19، والذي رأت أنّ من شأنه تقليص أعداد زوّاره التظاهُرة، فضلاً عن إقامتها خارج فترة العُطل المدرسية وقبل أيام من حلول شهر رمضان.
أثارت الدعوة ردودَ فعل متباينة بين الناشرين الجزائريّين؛ بين مؤيّدٍ يستند إلى المبرّرات نفسها، ورافضٍ لمطلب التأجيل. ولم يُخفِ بعضُهم اعتبار المطلب محضَ "محاوَلة لقطع الطريق أمام دخول الكتاب العربي والأجنبي، حتّى تستفرد مجموعة من دُور النشر التجارية بالسوق المحلّي"، وفق تعبير ناشرٍ تحدّثت إليه "العربي الجديد" في وقت سابق.
وبينما لم تُعلّق وزارةُ الثقافة أو إدارة المعرض عن مطلب التأجيل، انضمّ ناشرون آخرون إلى الدعوة؛ إذ أصدرت "المنظَّمة الوطنية لناشري الكتب"، السبت الماضي، بياناً دعت فيه إلى "تأجيل هذه التظاهُرة الثقافية إلى موعدها الطبيعي"؛ أي بين تشرين الأوّل/ أكتوبر وتشرين الثاني المقبل، وهو التاريخُ الذي كان المعرض يُنَّظَّم فيه خلال السنوات الماضية.
وذكر بيان "منظّمة ناشري الكتب" أنّ أعضاء مكتبها التنفيذي اجتمعوا مع من وصفتهم بأنّهم "ناشرون غيورون على صورة الجزائر، وعلى إنجاح هذه التظاهُرة المهمّة"، وأنّ الاجتماع انتهى باتفاق أكثر من "مئة ناشر فاعل ومنخرط في الشأن الثقافي على رفع مطلب تأجيل المعرض".
الأهمُّ من تنظيم المعرض أو تأجيله فتْحُ نقاش حول صناعة الكتاب
لم تختلف مبرّرات المنظّمة في دعوتها إلى تأجيل المعرض عن تلك التي ساقها الناشرون في دعوتهم قبل أيّام، وإنْ أضافوا لها مبرّراً آخر يتمثّل في "نهاية السنة الاجتماعية تقريباً مع نهاية الفصل الثاني، وبالتالي تدنّي احتياجات الطلبة إلى الكتب".
اللافتُ، في البيان، هو عدمُ ذكره أسماء دُور النشر المطالبة بتأجيل المعرض، مع العلم أنّ الأسماء البارزة والفاعلة في مجال صناعة الكتاب بالجزائر غابت عن الدعوة السابقة، وهو ما جعل تأثيرها محدوداً، خصوصاً أنّها أتت قبل قرابة شهر فقط من موعد تنظيم المعرض، وهو ما يعني أنّ دُور النشر العربية والأجنبية حضّرت نفسها وأرسلت كتبها ودفعت رسوم المشاركة فيه.
ومهما يكن، فإنّ من المستبعد أنّ تلقى الدعوة الجديدة والسابقة آذاناً صاغيةً من القائمين على المعرض، في ظلّ وجود ما يبدو أنّه قرارٌ سياسي لإقامته في آذار/ مارس، كيفما كان الوضعُ الوبائي، بعد غيابه لقرابة ثلاث سنوات.
في حديث إلى "العربي الجديد"، يرى الكاتب ومدير "منشورات الوطن اليوم"، كمال قرور، أنّه ليس مهمّاً تأجيلُ "معرض الجزائر الدولي للكتاب" أو إقامته في موعده المقرَّر، وأنَّ الأهم من ذلك هُو فتح نقاش حول واقع صناعة الكتاب في الجزائر، موضّحاً: "جرى تأجيل المعرض مرّتَين، ولم يُشكّل ذلك حدثاً. لكن، هل هناك من طالب بإعادة النظر في إستراتيجية هذا المعرض وفق رؤية واضحة تخدم مستقبل البلاد والأجيال؟ الجميع يريدونه بازاراً لكلّ الأفكار؛ الغثّة والسمينة. المهمّ هو أن يبيع ويربح الجميع. هل فُتح ملفّ قطاع الكتاب للنقاش؟ أظنّ أنه فُتح وأُغلق بسرعة. هل هناك من يتحدّث عن الملايير التي استنزفت الخزينة العمومية ولم تُقدّم قيمة مضافة لصناعة الكتاب في بلادنا بين 2007 و2014؟".