في 26 آذار/ مارس 2021 أُعلنَ في بيروت عن اتفاق بين "المعهد الفرنسي" و"قصر سرسق" تعهّدت فيه فرنسا بالتكفُّل بترميم واحدٍ من أهم متاحف المدينة، والذي يعدّ إلى جانب ذلك صرحاً معمارياً بارزاً يعود إلى الحقبة العثمانية. وكان المبنى، الذي لا يبعد عن المرفأ سوى 800 متر، قد تعرّض لأضرار بالغة نتيجة انفجار الرابع من آب/ أغسطس 2020، حيث تعدّى الدمار واجهاته الخارجية ليصل إلى مقتنياته أيضاً، إذ تضرّرت 57 لوحة من أصل 180 موجودة فيه.
وقد أفاد البيان حينها بأن الترميم سيشمل "النوافذ والواجهات الزجاجية الملوّنة وإعادة تأهيل الطبقة الأولى التاريخية للمتحف"، خصوصاً الصالون الشرقي الشهير الذي يُعتبر "الشاهد الحقيقي للحِرفية العائدة للعصر العثماني". كما قُدّرت المدّة الزمنية للترميم بأنها ستستغرق قرابة سنة، وأنّ من المقرّر إعادة فتح أبواب المتحف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بتقدير تكلفة قاربت 3 ملايين دولار.
مؤخّراً عاد الحديث عن ترميم المتحف ليظهر في المشهد من جديد، وفي الحقيقة للمتحف مع الترميم قصص طويلة، وكأنّه بذلك يُعيد ما تشهده بيروت وشواهدها العمرانية مع هذه الأسطوانة التي لا تكاد تنتهي حتّى تبدأ مرّة أُخرى. ففي 13 من الشهر الجاري أعلن مكتب اليونيسكو ببيروت، عبر مؤتمر صحافي عُقد في الباحة الخارجية للقصر، أنّ المنظمة وفي إطار مبادرتها "لبيروت" عقدت اتفاقاً مع "المكتب الاتحادي السويسري للثقافة" و"جمعية قصر سرسق" لتمويل ترميم جزء من المبنى، في سياق ترميم اليونيسكو لـ 12 مبنىً تراثياً، وإعادة تأهيلها لـ 280 مؤسسة تعليمية من مدارس وجامعات ومراكز تدريب شملها الضرر بعد الانفجار.
آخر جولة ترميمية للمتحف استدعت إغلاق أبوابه لمدّة ثماني سنوات
بالمقابل، إنْ كانت الأرقام كثيرة حول التكاليف والمُدد الزمنية، فإنّ الأسئلة الواجب طرحُها عن دور وزارة الثقافة اللبنانية والجهات الحكومية أكثر، فالوزارة يبدو أنها - حتى اليوم على الأقل - لم تطرح أي مبادرة موازية بصدد ترميم المتحف أو النظر في حاله. على العكس تماماً، فـ"متحف سرسق" يقدّم نموذجاً عن طريقة التعامُل الحكومية المتمثّلة بتركِ هكذا مسؤوليات والتخلّي عنها بشكلٍ مُطلق للمبادرات الأجنبية، فالأخيرة وحدها من تتولّاها وتوزّع الحصص على وزارات الدول الأوروبية.
يُشار إلى أنّ المتحف في الأساس عبارة عن قصر لعائلة سرسق بنَته في عام 1912. وفي عام 1961 افتتح أبوابه للمرة الأولى نزولاً عند رغبة مالك المبنى نقولا سرسق الذي أوصى بتحويل بيته إلى متحف بعد وفاته. وشهد المتحف معارض كثيرة، وبقيت أبوابه مفتوحة خلال غالبية سنوات الحرب الأهلية (1975 - 1990). ثمّ أُغلق لمدّة ثماني سنوات من أجل ترميمه، ليعود ويُفتتح مجدداً في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بعد أن تمّت زيادة طوابق وأجنحة إليه على يد المهندسَين اللبناني جاك أبو خالد والفرنسي جان ميشيل فيلموت، بكلفة بلغت 14 مليون دولار.