"ليلة سمّامة الضوّاية": فان غوخ بمفردات الفولكلور التونسي

06 ابريل 2021
أحد مجسّمات التظاهرة
+ الخط -

منذ 2013، مثّلت الجبال التي تقع في المنطقة الحدودية بين تونس والجزائر بؤرة اشتباك بين قوى الأمن والجماعات المتشدّدة، حتى أن أسماء جبال مثل الشعانبي وسمّامة باتت تحيل إلى الخطر الإرهابي حيث لا يجري ذكرها في وسائل الإعلام إلا في سياق صدام المتشدّدين بالدولة. 

منذ سنوات، جرى إطلاق "المركز الثقافي الجبلي سمّامة" كمحاولة لتغيير صورة هذه المنطقة، وأيضاً من أجل تحريكها ثقافياً، وبات "المركز" يعتبر موقعاً متقدّماً للثقافة في منطقة غابت فيها لعقود السياسات الثقافية، وكل أشكال التنمية. 

أوّل من أمس الأحد، نظّم "المركز الثقافي الجبلي سمّامة" احتفاليّة بمناسبة ذكرى ميلاد الفنان الهولندي فنسنت فان غوخ (مرّت في 30 آذار/ مارس الماضي) بعنوان "ليلة سمّامة الضوّاية". 

تقوم فكرة الاحتفالية على استلهام لوحة "ليلة النجوم المضيئة" للفنان الهولندي وإعادة بنائها بمفردات فولكلور المنطقة. بدأ الاشتغال على هذا المشروع منذ ثلاثة أشهر، حيث جرى تجميع عناصر مثل الحلفاء والزرابيّ ومنسوجات الصوف والحصير وتحف الطين وحقائب التريكو والأوشحة، لتركيبها في أعمال تحاكي لوحة فن غوخ.

تهدف التظاهرة لترجمة لوحة فان غوخ حسب خصوصية المنطقة الجبليّة

يشير بيان التظاهرة إلى أن الهدف منه هو "ترجمة عمل فان غوخ حسب خصوصية المنطقة الجبليّة". كما يشير البيان إلى أن المشروع استند إلى منطق الفنان الهولندي في البحث عن الضوء كما يظهر في تحرّكاته في الريف الفرنسي وفي بعض رسائله. نقرأ في إحدى التدوينات الترويجية للمشروع: "جولة فان غوخ في قرى بلجيكا وهولندا وفرنسا تمثّل دعوة خالدة لاستنشاق عطور الأرض... هذا الأحد يحلّ الفنان على سفح جبل سمّامة دعاية للكرّاث والعسلوج وتمجيداً للحلفاء والطين والنحل ذي الطنين".

شارك في المشروع أكثر من سبعين حرفيّاً تحت إشراف عدنان الهلالي وشيراز بلغيث، وعُرضت الأعمال ضمن مجسّمات يوم الأحد بحضور إعلاميين وسيّاح. وتقام على هامش التظاهرة جولات تعريفية بالآثار الموجودة في المنطقة، ويعود أغلبها إلى العصر الروماني. 

ولا يخفى هنا الجانب التنموي للتظاهرة، حيث تتيح بناء صورة جديدة عن المنطقة، وكسر وصمها بالإرهاب أو حصرها فيه. كما يقام ضمن التظاهرة "سوق فان غوخ" الذي يجري فيه التعريف بمنتجات أهالي المنطقة القائمة على الاستفادة من مواد الطبيعة، وهي نفس المواد التي جرى الاعتماد عليها في تنفيذ المجسّمات المحاكية للوحة "ليلة النجوم المضيئة".

استفادت "ليلة سمّامة الضوّاية" من دعاية إعلامية مبكّرة، خصوصاً أن التظاهرة سبقتها ببضعة أيام أخبار عن اشتباك بين قوّات الأمن وعناصر متشدّدة في منطقة قريبة من موقع التظاهرة، وكأنّ الأمر كان تذكيراً بذلك "الموقع المتقدّم" الذي ينبغي للثقافة أن تحافظ عليه في منطقة تقع بين فكّي الإرهاب والتنمية المفقودة.

المساهمون