"لوحتي".. تفكير في أسواق جديدة للفنّ الجزائري

20 ابريل 2021
عمل لـ امحمّد إسياخم
+ الخط -

مِن بين ما نلاحظه، عند النظر في المشهد التشكيلي الجزائري، حضورُه المحتشِم على الشبكة العنكبوتية؛ وهو احتشامٌ يُذكِّرنا بمشكلةٍ أعمّ تتعلَّق بغياب الصورة التي تُوثِّق للثقافة الجزائرية بأماكنها ووجوهها وفعالياتها على الصفحات الافتراضية للإنترنت، حتى أن هذا النقص يوحي بغياب بلد مثل الجزائر عن الحضور أو المساهمة في الحياة الفنية للعالم. تنطبق هذه الملاحَظَة على الفنّانين التشكيليّين وأعمالهم على حدٍّ سواء، مِن دون أن تستثني الروّاد منهم؛ مثل امحمّد إسياخم، ومحمد راسم، وعمر راسم، ومحمد بن خدّة، وباية (فاطمة محيي الدين).

إذا كنتَ مواظباً على متابعة المشهد الإبداعي في الجزائر، بإمكانك الالتقاء بلوحات هؤلاء وغيرهم من التشكيليّين الجزائريّين متفرِّقةً في الغاليريهات أو المتاحف الجزائرية وغير الجزائرية. لكنَّك لن تلتقي إلّا بالقليل منها على شبكة الإنترنت. وهذا القليلُ عادةً ما يأخُذ شكل صوَرٍ التُقطت بعيداً عن معايير تصوير (أو رقمنة) الأعمال التشكيلية. يُمثِّل بعض الفنّانين الذين عاشوا في المهجر (الفرنسي غالباً) الاستثناء في هذا الأمر؛ إذ تتوفَّر أعمالُهم على الإنترنت، وبعضٌ منهم، مِن الذين لا يزالون على قيد الحياة، باتوا يملكون مواقع إلكترونيةً تعرض أعمالهم.

تتيح المنصّة للفنّانين الجزائريين عرض وبيع أعمالهم عبر الإنترنت

تبدو منصّة "لوحتي"، التي أعلنت "الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي"، وهي مؤسّسةٌ تابعةٌ لوزارة الثقافة، إطلاقها اليوم الثلاثاء، محاوَلةً لسدٍّ الفراغ الحاصل في هذا المجال. محاولة ينبغي أن تنتبه إلى المسؤولية المنوطة على عاتقها بسدّ الفجوة البصريّة بين المنتَج التشكيلي الجزائري وحضوره عبر الشبكة العالمية، وهي محاولة تقف للأسف دون تراكم تاريخي، وعلى المشاركين فيها أن يبذلوا جهوداً مضاعفة في التواصل مع الفنانين أو إيجاد أرشيفات شخصية من المؤكّد أنها تتوفّر لدى الكثير من الأفراد، وربما المؤسّسات، في الجزائر وخارجها. نقرأ في بيانٍ للوكالةِ أنَّ المنصّة ستكونُ "إحدى الوسائل التي تتيح للفنّانين التواجُد، بشكل دائم، في معرضٍ افتراضي، يتيحُ لهُم الوصول بسهولةٍ إلى الخبراء والمستخدِمين المختلفين لهذا المجال الفنّي".

يُركِّز القائمون على "لوحتي"، في تعريفهم، على الجانب التجاري، مِن خلال الإشارة إلى أنّها ستُمكّن "الفنّانين الجزائريين مِن عرض وبيع إبداعاتهم الأصلية عبر الإنترنت" و"تقديم أعمالهم إلى السوق دون الحاجة إلى عرضها فعلياً"؛ فالمنصّة في الأساس هي أحدُ اقتراحات هيئةٍ أنشأتها وزارة الثقافة الجزائرية، مؤخَّراً، باسم "سوق الفن" بهدف التفكير في إيجاد أسواقٍ جديدة للفنون. مع ذلك، فإنَّ المنصَّة ستُؤدّي أدواراً توثيقية وثقافية - حتى وإن لم يُشِر إليها بيان الوكالة - مِن خلال إتاحة الأعمال الفنّية للعرض على الإنترنت. لكنَّ ذلك يظلُّ مرهوناً بالالتزام بالمعايير المعمول بها في هذا المجال؛ مثل توفير الأعمال بجودةٍ عالية وتقديم المعلوماتِ التقنية الكافية حولها. 

إلى أيٍّ مدى ستنجحُ المنصَّةُ الإلكترونية الجديدةُ في تحقيق تلك الأهداف، التجارية والتوثيقية والثقافية؟ إذا انطلقنا مِن المشاريع السابقة التي أطلقتها وزارة الثقافة، سواءٌ تمثّلت في المجلّات الورقية التي توقّفت بعد صدور أعدادٍ قليلةٍ منها، أو في الموقع الإلكتروني الذي أطلقته مؤخَّراً باسم "بيت الجزائر الثقافي"، وهو موقعٌ رديء شكلاً وفارغٌ مِن حيث المحتوى، فإنّنا لن نتوقَّع الكثير. غير أنّنا سننتظر انطلاق المنصّة لنتمكّن مِن تشكيل إجابة وافية عن السؤال.

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون