"فلسطين والفنّ الممنوع" عنوان الحوارية التي نظّمتها أمس الأربعاء مجلّة "فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة" بالتعاون مع "جمعية الثقافة العربية" في مدينة حيفا المحتلة، وتناول المشاركون فيها الممارسات الرقابيّة من قبل المجتمع والسلطة على الإنتاج الإبداعيّ في السياق الفلسطينيّ، إثر النقاشات الأخيرة حول فيلم "أميرة"، وما تبعها من دعوات إلى حظر الفيلم، ثمّ سحبه من "مهرجان أوسكار" ممثلاً للأردن.
أشار الكاتب والأسير المحرّر أمير مخّول في الحوارية التي أدارتها الصحافيّة والمخرجة سهى عرّاف، إلى أن أكثر ما يميّز القضية الفلسطينية هو عدالتها، ويجب التعامل مع هذه العدالة بوصفها عامل قوّة وليس عامل ضعف نخاف عليها من كلّ خدش، موضحاً أنه لو أنتج الفيلم في لحظة نهضة وطنية لما اهتمّ أحد بالفيلم، لكن غياب مشروع التحرّر الوطني يقود إلى الأسطرة أكثر منها إلى القصة الحقيقية للواقع الفلسطيني.
وأوضح أنه ضدّ منع الفيلم لكن شرعية غضب الناس الذين طالبوا بذلك تضعنا أمام حالة استثنائية تتعلق بعائلات الأسرى حيث يُحترم أي ردّ فعل لأن قصة العمل ليست موضوعاً للنقاش إنما هي قصة حياة، إلا أن الهجوم على الفيلم لم يعزز الموقف الوطني بقدر ما عزّز نوعاً من الأسطورة التي لا تحرّر الأوطان، إنما لها مكانتها بعد التحرير.
تناول المشاركون النقاشات حول فيلم "أميرة"، وما تبعها من دعوات إلى حظر الفيلم، ثمّ سحبه
من جهته، قال الروائي ومحرر "مجلة رمّان الثقافية" سليم البيك إنه "مهما ابتعد صناع الفيلم بالخيال لكن هناك واقع يجب الانطلاق منه، وأن تكون هناك معطيات دقيقة تدفع المتفرّج الفلسطيني إلى أخذ الموضوع بجدية، وهذه مشكلة تتصل بالعديد من الأفلام الفلسطينية التي لا تضع هذا المتفرج بعين الاعتبار، سواء من ناحية مصداقية الفيلم أو بما يتعلّق بتفاصيل بسيطة مثل اللهجة التي يتحدّثها أبطاله، وبالتالي إذا التزم العمل الفني بمعطيات الواقع أن يقدّم وجهة النظر التي يريد، ومن حق أصحاب دور السينما والمهرجانات عدم عرضه وللجميع حق انتقاده دون نفي الآخر.
أما الباحثة لبنى طه، فبيّنت أن الفن الفلسطيني موجّه لنخبة معينة والجمهور العادي لا يمكنه مشاهدته وأن يكوّن رأياً حوله، ما يحدّ قدرة هذا الفن على أن يعبّر عن قضايا الشارع، مقابل وجود متلقين له على الصعيد الدولي ويصبح مادة للنقاش، بينما لو أخذنا نموذجاً مثل السينما الكوبية التي نجحت في تقديم تصوّرات جديدة حول الثورة في كوبا واستطاعت التواصل مع الجمهور الذي توجّهت إليه رغم عدم وجود صالات عرض مجّهزة بما يشبه الواقع الفلسطيني.
كما لفت الباحث عبد الله البيّاري إلى أن الأسرى هم مجاز أساسي لفهم الحالة الفلسطينية، بمعنى أن نضال الأسرى وتهريبهم للنطف ومقاومتهم من خلال الإضراب وهروبهم أيضاً بجب أن يكون نضالاً مسؤولاً وليس نضالاً جمالياً فقط، والتخوّف من منع الفيلم يتصل بإعادة إنتاج سلطة للشعب الفلسطيني الذي يمتلك نقطة قوة تتمثّل بعدم وقوعه ضحية الدولة.