تمثّل مدوّنة الكاتب الفرنسي إيميل زولا (1840 - 1902) إحدى أكثر المشاريع الروائية تشعُّباً وارتباطاً بالواقع، وهو الذي تزعّم مدرسة أدبية خلال النصف الثاني من القرن العشرين تُسمّى "الطبيعية"، كانت تحرص على الوفاء للواقع في تفاصيله.
هذا التوجّه الذي اتخذه زولا جعل من أعماله أشبه بوثيقة تاريخية لفرنسا، خصوصاً في سلسلة رواياته "روغون ماكار" التي تضمّنت أعمالاً شهيرة مثل: "جرمينال" و"بطن باريس" و"نانا" و"ثروة أسرة روغون" و"الوحش البشري".
دارت الحكايات التخييلية لعدد من هذه الأعمال في العاصمة الفرنسية، وبالتالي يمكن التقاط صورة شبه مكتملة لباريس القرن التاسع عشر في نصوص إيميل زولا، وفيها تظهر تحوّلات المدينة المعمارية والسلوكية والثقافية والسياسية بشكل واضح.
تنظّم منصة "كونفيرنسيا"، مساء اليوم، محاضرة افتراضية، بعنوان "على خطوات زولا في باريس"، يقدّمها الباحث الفرنسي سيريل هيرو بداية من السادسة والنصف بتوقيت فرنسا. يعتمد هيرو عل مقارنة بين المخططات العمرانية الموثّقة لباريس القرن التاسع عشر ومجموعة من المقاطع الوصفية لشوارع باريس في روايات زولا.
تقف المحاضرة عند الكثير من المعالم التي وصفها الروائي الفرنسي ولم تعد موجودة اليوم بفعل التحديثات العمرانية التي عرفتها باريس منذ الثورة الصناعية، علماً أن زولا كان منتبهاً إلى أن نسق التحوّلات التي تشهدها العاصمة الفرنسية سيؤدّي إلى تغيّر ملامحها بشكل راديكالي.
نقرأ في تقديم هذه الفعالية عبر موقع "كونفرنسيا": "جرى تصميم هذه المحاضرة كي تكون رحلة في الزمن باتجاه باريس. ليس باريس الواقعية وإنما باريس كما صوّرتها روايات إيميل زولا".
بحسب نص التقديم، فإن المحاضرة لا تخص دراسة أدب صاحب "جرمينال"، بل تقدّم إجابات حول فصول مهمة في تاريخ باريس مثل مشروع تهيئة المدينة من قبل البارون هويسمان، وتجربة "كمونة باريس"، وتاريخ فرنسا خلال ما يُعرف بالجمهورية الثالثة والإمبراطورية الثانية.