تُبدي المؤسّسة الرسمية في الجزائر، ممثَّلةً في وزارة الثقافة، اهتماماً كبيراً بـ"شهر التراث"، والذي تحتفل به - مثل غيرها من بلدان العالَم - بين الثامن عشر من نيسان/ أبريل والثامن عشر من أيّار/ مايو من كلّ عام، مِن خلال برمجة سلسلةٍ من الأنشطة والتظاهُرات التي تمتدُّ على مدار ثلاثين يوماً، وتتوزّع بين مختلف مدُن البلاد.
لهذا الاهتمام ما يُفسّره؛ إذ يأخذ مجالُ التراث مساحةً واسعةً مِن الخطاب الثقافي الرسمي، وإنْ كانت مقاربتُه كثيراً ما تجري من زاويةٍ فولكلورية، وقليلاً مِن زاوية ثقافية. وإذا أخذنا قلّةَ الفعاليات الثقافية التي تُقام خلال السنة، وخصوصاً خارج العاصمة، فإنَّ "شهر التراث" سيبدو مثلَ فُرصة ثمينة لإضفاء بعضٍ من الحركية على المشهد الثقافي، بأقلّ الجهود والتكاليف الممكنة، بما أنَّ النزعةَ الفولكلورية هي الغالبةُ دائماً.
هذا العام، يُقام "شهر التراث"، الذي تنطلق فعالياتُه اليوم الإثنين، تحت شعار "التراث غير المادّي هويّةٌ وأصالة"، وهو - ككثيرٍ من الشعارات التي تقترحُها المؤسّسة الثقافية الرسمية - مُغرِق في الشعاراتية ولا يَطرحُ أسئلةً أو يُشير إلى مواضع الخلل التي ينبغي معالجتُها أو التحدّيات (بتعبير الخطاب الرسمي نفسه) التي تفرض نفسها في هذا المجال، وهي كثيرةٌ بالتأكيد.
يُشير الشعار إلى أنّ التركيز هذا العام سيكون منصبّاً على التراث غير المادّي، وهو - وإنْ كانَ يُمثّل فرعاً من مجالٍ أوسع - يبقى عنواناً عريضاً، ويشي بأنَّ إحياء "شهر التراث" سيتشتّت بين أكثر مِن مستوى.
وفي هذا السياق، يُنتظَر أن تُقام الفعاليات في متاحف العاصمة وغيرها من المدن، وتتوزّع بين معارض وورشات وندوات ولقاءات حول التراث الشفهي والمخطوطات والحفظ والترميم والفنون والتقاليد الشعبية ومواضيع أُخرى ذات صلة بمحور التظاهُرة.