عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"معهد الدوحة للدراسات العليا"، صدر حديثًا العدد الرابع والخمسون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، والتي تُعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين.
تضمّن العدد، في باب "دراسات"، أربع دراسات؛ هي: "عن السياسة ما بعد الدولية: تعايش بين نظامين أم عصر وسيط جديد؟" لمحمد حمشي وعادل زقاغ، وفيها حاول الباحثان استكشاف مضامين ما يعتبره جيمس روزنو بردايمًا قائمًا بذاته؛ بردايم السياسة ما بعد الدولية، وذلك عبر قراءة مقارنة في مفهومي التعايش بين نظام متمركز حول الدول ونظام متعدد المراكز، في مقام أول، ومفهوم العصر الوسيط الجديد في مقام ثان؛ بغية تقديم تأمّلات في الخصائص الأساسية التي يمكن لكلا المفهومين المساهمة بها لتحسين فهمنا سياسة ما بعد الدولية في حقبة من التعقد المتزايد.
وناقشت سارة ناصر في دراستها، "الذاكرة والاعتذار في السياسة الخارجية: حين يأبى الماضي المضي"، إمكانية النظر في مظاهر التفاعل بين الذاكرة والاعتذار في السياسة الخارجية، من منطلقات تجسّر الهوّة بين حقلَي العلاقات الدولية وتحليل السياسة الخارجية.
وتحت عنوان "الثورة السودانية وآفاق الانتقال الديمقراطي"، طرحت دراسة التجاني عبد القادر حامد جملةً من التساؤلات، من بينها: أكان سقوط نظام الإنقاذ في السودان نتيجة لـ"مبادرة من الداخل" أم لتحالف المعارضة أم لهذين الأمرَين معًا؟ وما مدى تأثير العامل الخارجي في مرحلة إسقاط النظام والانتقال إلى الديمقراطية؟ أيُتوقّع أن يتّبع نظام ما بعد الإنقاذ مسارًا ديمقراطيًا، أم أنه سيتحوّل إلى نظام تسلّطي جديد؟ وتنتهي الدراسة إلى القول بأرجحية أن يكون الهدف المتّفق عليه بين القوى الدولية وشركائها السلطويين في الإقليم هو الانتقال بالسودان إلى النظام "الهجين"، حيث تبقى عناصر النظام السلطوي القديم مُمسكة بمفاصل السلطة، مع المحافظة على الحدّ الأدنى من الديمقراطية.
أمّا الدراسة الرابعة، فحملت عنوان "صراع الأجنحة السياسية داخل المؤسسة العسكرية السورية 1954-1958: الانقلابات والتعددية السياسية"، وفيها ينقد أحمد مأمون الإطار العام الذي حكم التيار الأوسع من الباحثين في العلاقات المدنية - العسكرية في منهجية تفكيرهم في المؤسسة العسكرية منذ نشأة الحقل، وتقدم الفجوات النظرية والتطبيقية في تلك الأدبيات، خاصة عند باحثي "آليات الوقاية من الانقلاب"، مبيّنًا ضعف القدرات التفسيرية للحقل في استقراء وتحليل الحقبة التاريخية التي يسعى البحث للكشف عن التباساتها النظرية والتاريخية، وهي مرحلة التعددية السياسية في سورية في المدة 1954-1958، التي نظر إليها الباحثون باعتبارها مرحلة ديمقراطية.
وتتساءل الدراسة عن الأسباب التي دفعت الجيش إلى ترك سدّة الحكم والسماح للقوى المدنية بممارسة العمل السياسي في حينه، على الرغم من توسط هذه المرحلة بين مراحل انقلابية. وتقوم على فرضية أساسية هي أن الجيش مؤسسة عسكرية تمثل أجنحة وقطاعات ووحدات وألوية وعلاقات قوة، قبل أن تكون تعبيرًا عن أي شرائح اجتماعية أخرى، وهو على عكس ما ذهبت إليه الأدبيات في بحث خلفيات الضباط السوسيولوجية.
وضمّ باب "المؤشّر العربي" ورقة بعنوان "المؤشر الوطني للتحول الديمقراطي في العراق 2017–2021"، أعدّها "مركز حوكمة للسياسات العامة"، وهو مركز دراسات مقرّه في بغداد، انطلاقًا من الحاجة إلى مؤشّر يستند إلى منظور محلي. وقد ساهم في بناء المؤشّر فريق من الأكاديميّين العراقيّين من تخصّصات مختلفة، وهو يصدر سنويًا، بدءًا من العام 2018. وصدرت منه، إلى اليوم، أربعة تقارير. ويمثّل هذا النص خلاصة أعدّها المركز لصالح "سياسات عربية"، لنتائج التقارير الأربعة، وتمثّل إضافة لحال التحوّل الديمقراطي في العراق، بعد نحو عقدَين من الغزو الأميركي للبلاد وسقوط نظام صدّام حسين.
واشتمل العدد في باب "التوثيق" على توثيق لأهمّ "محطّات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي" بين 1 تشرين الثاني/ نوفمبر و31 كانون الأول/ ديسمبر 2021، و"وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" الذي ضمّ عددًا من الوثائق من السودان وتونس خاصة بشهرَي تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2021، إضافة إلى تقرير يتضمّن توثيقًا لأهم الوقائع الفلسطينية والأحداث المرتبطة بالصراع العربي في الفترة نفسها بين 1 تشرين الثاني/ نوفمبر و31 كانون الأول/ ديسمبر 2021.
وفي باب "مراجعات وعروض كتب"، أعدّ عبد الفتاح ماضي مراجعة لتقرير صادر عن المؤسّسة الدولية للديمقراطية والانتخابات بعنوان "حالة الديمقراطية في العالم عام 2021: بناء القدرة على التكيف في زمن الوباء"، وسعيد بكار مراجعة لكتاب "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟" للمفكّر العربي عزمي بشارة.