عدا بعض المنشورات التي يُكرّر أصحابها رفضهم فكرة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، لأسباب تتراوح بين الديني والأيديولوجي، وتتّخذ طابعاً عنصرياً في بعض الأحيان، لم تُثِر المناسبة، التي تُحييها الجزائر وبلدان مغاربية في الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير من كل عام، كثيراً من الجدالات، على عكس السنوات الثلاث الماضية التي عادت فيها مسألةُ الهوية لتحتدم بشكل حادّ.
تدخل سنةُ 2972، بحسب التقويم الأمازيغي، بينما يبدو أنَّ التوظيف السياسي لمسألة الهوية لم يعُد يشغل السُّلطة، أو على الأقل لم يعُد يشغلُها بالدرجة نفسها التي برزت منذ بدء الحراك الشعبي في آذار/ مارس 2019؛ فبعد أشهر قليلة من انطلاق المظاهرات، التي توحّد فيها الجزائريون بجميع مكوّناتهم، على رفض ترشّح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة والمطالبة برحيل رموز حُكمه، سرعان ما استُخدمت المسألة الأمازيغية في تشتيت الاتفاق على مطلب واحد.
في حزيران/ يونيو من العام نفسه، وكان قد مرّ شهران على انطلاق الحراك، وجد المتظاهرون أنفسهم أمام قضايا جديدة؛ مثل اللغة والهوية والجهوية والعنصرية. في ذلك الشهر، حذّر رئيس أركان الجيش الراحل، أحمد قايد صالح، المتظاهرين من رفع أعلام غير العلَم الوطني، ثمّ تلت ذلك حملةُ اعتقالات طاولت نشطاء أصرّوا على رفعوا الراية الأمازيغية، وهي رايةٌ ثقافية تختلف عن علَم الانفصاليّين في منطقة القبائل. وكلّ ذلك أدخل الحراك في نقاشات حرّفته عن هدفه الأوّل، تغيير النظام برمّته، وقسمت الجزائريّين بين مصرّ على الاستمرار حتى تحقيق جميع المطالب، وبين من اختار القبول بخيارات السلطة التي أفادت من انقسام الشارع، فحسمت الأمر بالذهاب إلى انتخابات رئاسية في الثاني عشر من كانون الأوّل/ ديسمبر 2019.
بعيداً عن سجالات مواقع التواصل الاجتماعي، لم يختلف إحياء المناسبة عن السنوات السابقة؛ إذ نظّمت المؤسّسات الرسمية، وفي مقدّمتها وزارة الثقافة، الكثيرَ من الأنشطة الموسمية التي توزّعت بين المعارض الفنّية والعروض الموسيقية والغنائية والندوات الثقافية والتظاهرات الفولكلورية، مع كثير من التصريحات عن "ضرورة ترقية اللغة الأمازيغية"، كما جرى الإعلان عن الفائزين في الدورة الثانية من "جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية" التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبّون العام الماضي.