نادراً ما تتحوّل وجهات النظر المتباينة حول حادثة تاريخية إلى أفق بحثي، من ذلك أن هناك الكثير من الاختلافات حول بدايات المسرح في العالم العربي، وفي مصر تحديداً، لكنها تبقى أقرب إلى جدالات في المنابر الإعلامية.
في كتابه "دفاعاً عن تاريخ المسرح المصري"، الصادر مؤخّراً عن منشورات "مكتوب"، يناقش عبد الرزاق أبو العلا ما ذهب إليه المؤرّخ سيد علي إسماعيل في كتابه "محاكمة مسرح يعقوب صنوع" (2001) بنفيه ريادة هذا الكاتب المسرحي للمسرح المصري، كما يرى بذلك أغلبية النقّاد والمؤرخين.
يرصد المؤلّف السجالات التي رافقت أطروحة إسماعيل، فيذكر مقالات محمد يوسف نجم في نقد ما ورد في كتاب "محاكمة مسرح يعقوب صنوع"، إضافة إلى ما جاء في عدد من أعمال الباحثة نجوى عانوس، وهي المتخصّصة في مسرح يعقوب صنوع وأدبه.
يعتمد المؤلف أيضاً المنهج الاستقصائي لمناقشة ما ذهب إليه إسماعيل بإضاءة الإطار التاريخي الذي ارتبطت به قضية ريادة المسرح المصري، ويصل إلى تأكيد ريادة صنوع للمسرح المصري.
يتضمّن كتاب أبو العلا أيضاً دراسة في نص مسرحية "موليير مصر وما يقاسيه" بنسختيه: الأولى وهي نسخة العرض الذي قدّمه صنوع في 1872، والثانية التي نشرها في كتاب عام 1912، ومنها يدرس بعض قضايا المسرح في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كما أنه يخصّص آخر كتابه لفهم الإرهاصات الأولى للمسرح الشعبي في مصر، موضّحاً دور صنوع في تطويره.