في عام 1972، أقام محمد عبلة معرضه الأوّل، في لحظةٍ كان فيها المشهد التشكيلي المصري قد أفرز ثلاثة أجيال فنية منذ بداية القرن ترسّخت تجارب العديد منها، لتنطلق رحلة بحثه الطويلة سواء على مستوى الوسائط التي استخدمها من رسم ونحت وفوتوغراف وغرافيك وأعمال فيديو، أو على مستوى الثيمات والموضوعات التي قدّمها.
تعدّدت مرجعيات الفنان التشكيلي المصري (1953) منذ أن اختار مشروع تخرّجه من كلية الفنون الجميلة في الإسكندرية تحت عنوان "الصيادين والمراكبية"، مأخوذاً بجسد الصياد وحركة وتفاعله مع المكان، كما استفاد من التشخيص على المعابد والمقابر الفرعونية، إلى جانب تأثره ببول كلي في علاقة الشكل باللون أو بأسلوب فرانتس مارك في فن الطباعة.
أوّل أمس الأحد، افتُتح في "غاليري ضي/ أتيليه العرب للثقافة والفنون" بالقاهرة معرض استعادي لعبلة، تحت عنوان "حكايات"، والذي يتواصل حتى التاسع والعشرين من تمّوز/ يوليو المقبل، ويضمّ حوالي مئتي عمل، بما يمثّل جميع مراحل تجربته الممتدّة خمسة عقود.
يتضمّن المعرض أعمالاً نفّذها الفنّان منذ بداية السبيعينيات، خلال سنوات دراسته الجامعية، لكنّها تُعرض لأول مرة أمام الجمهور، بحسب بيان المنظّمين؛ كما يشمل أعمالاً أخرى تغطّي مختلف المراحل التي مرّ بها، مثل أعماله عن زحمة القاهرة والزمن الجميل للأسرة المصرية وأيام الأبيض والأسود، وطريق الحرير والنيل ليلاً، وقرية تونس بالفيوم.
كما يُفرَد قسمٌ لمنحوتات عبلة الذي تخصّص في النحت في كلّية الفنون والصناعات بمدينة زيورخ السويسرية التي تخرّج منها عام 1981؛ منحوتاتٌ يطرح فيها تساؤلاته عن وجود الإنسان من خلال تقديمه في شكل من الحوار بينه وبين الصخرة، في فضاء درامي مركزه الحركة دون كثير انتباه إلى ملامح العنصر البشري، في محاولة للتركيز عليه كجزء من الكون والوجود وتفاعلاته معهما.
يضيء المعرض علاقة الفنّان بالرسم والحفر وفن الكاريكاتير، وكذلك رؤيته الفنّية وتنقّله بين كلّ هذه الوسائط التي مارسها بحرّية كاملة، دون أن يتحيّز إلى أسلوب واحد يطبع تجربته بأسرها، كما تبرز منذ البدايات كيفية تشكّل تصوّرات عبلة حول الفن، ومنها أعماله التي تتعلّق بالمدينة وحكاياتها التي استمّد منها عنوان المعرض، حيث دمج بين الرسم والصورة الفوتوغرافية، ونزع إلى استخدام ألوان تعكس عشوائية القاهرة.
وتقام على هامش المعرض مجموعة من الورش الفنية بإشراف الفنان، وندوات تناقش إبداعه ورؤاه الفنية سيُعلَن عنها تباعاً على منصات الغاليري الإلكترونية.