مع انتشار فيروس كورونا المستجدّ في نهاية 2019، وتحوُّله إلى وباء ضرب العالم برمّته انطلاقاً من الصين، زاد الاهتمام البحثي بهذا البلد الذي بقي يشكّل لغزاً محيراً للغرب على أكثر من صعيد. وقد يكون سياق الوباء مناسبة جديدة لبناء علاقة مختلفة بين الغرب والصين.
هذا الاحتكاك الذي فرضه فيروس كورونا أعاد للذاكرة محطات من تداخل التاريخين الغربي والصيني. ولعل فترة ما عُرف بـ"حروب الأفيون" تمثّل واحدة من أبرز لحظات الاحتكاك، وهو ما يدرسه جيرار بوان في كتابه "الصين: حروب الأفيون" الصادر مؤخراً عن "منشورات إيكونوميكا".
يشير المؤلف إلى الإشكالية التي صنعت علاقة الغرب بالصين، ففي العقود الأولى من القرن التاسع عشر كان للصين موقع خاص من بين جميع بلدان العالم غير الأوروبي، فهي بلد لم يدخل منظومة التحديث، ورغم ذلك لم تتمكن البعثات العسكرية والتبشيرية من اختراقه، وبالتالي لم يكن من الممكن اختراقه تجارياً.
اعتمدت كل من بريطانيا وفرنسا على تقرير اسخباراتي يفيد بأن الإمبراطور كسيان فينغ مان مدمن على الأفيون داخل أسوار "المدينة المحرّمة"، ليبدأ العمل على تخدير الصين باعتباره الحل المتوفر لفرنسا وبريطانيا لفرض هيمنتهما على البلد وثغوره.
لكن المعاهدات المجحفة التي وقعتها القوى الغربية مع حاشية الإمبراطور فينغ ستكون سبباً في إيقاظ النخوة القومية في الصين، وهو ما سيخلق الصدامات العسكرية التي سمّيت "حروب الأفيون"، وحدثت بين 1839 و1840 في مرحلة أولى ثم بين 1856 و1860.