يلفت أستاذ التاريخ الإسلامي أيمن فؤاد، رئيس مؤتمر "تراث مدينة القاهرة.. بين الواقع والمأمول"، الذي افتتح أمس السبت إلى أن هناك "شكلان للقاهرة، واحد يعود إلى أكثر من ألف عام حيث أسّسها الفاطميون ثم طوّرها المماليك ومن جاء بعدهم، حيث تمتدّ من مسجد أحمد بن طولون والسيدة زينب جنوباً، مروراً بالرميلة والقلعة ثم باب زويلة، وشارع المعز لدين الله، إلى باب الفتوح شمالاً، وصولاً إلى الحسينية"، موضحاً أن هذا المركز التاريخي يحتاج إلى الاهتمام في ظلّ عوائق ومخاطر عديدة.
ويبيّن أن "قاهرة أخرى نشأت مع محمد علي باشا، وازدهرت في عهد حفيده إسماعيل باشا، ممثلة بالقاهرة الخديوية قبل نحو مئة وخمسين عاماً، واستعيرت أنظمة بنائها من أوروبا، وتتضمّن إحدى أوراق المؤتمر مقارنة بينها وبين عمارة باريس، وهي التي تضمّ الميادين الكبرى مثل ميدان التوفيقية وميدان سليمان باشا وميدان طلعت حرب وميدان مصطفى كامل، والتي تجد اهتماماً كبيراً خلافاً للقاهرة التاريخية".
وفي هذا السياق، يرى فؤاد أن الإهمال الذي تعاني منه القاهرة التاريخية الإسلامية يعود إلى عوامل عدّة منها اكتظاظ أحيائها سكانها مع انخفاض الوعي الأثري لدى شرائح كبيرة منهم، حيث يغيب تقديرهم للمكان الذي يعيشون فيه، وعليه فإن العناية بالآثار الموجودة في المنطقة يجب أن يترافق مع تنمية وعي قاطنيه، وهذا يتطلب إقامة حرم يحيط بها وتغيير طبيعة الأنشطة بحي تكون جاذبة للسياحة في مدينة احتفظت بغالبية أوابدها، بينما خسرت مدن عربية وإسلامية أخرى العديد من معالمها.
الحفاظ علة الآثار الموجودة في القاهرة التاريخية يجب أن يترافق مع تنمية وعي قاطنيه
رؤيةٌ تنوّه إلى تجاهلٍ تراكمَ عبر السنين للقاهرة القديمة على حساب الاهتمام بمناطق أحدث فيها، ويضع الجانب الأكبر من مسؤولية الحفاظ عليها على سكّانها وليس المؤسسة الرسمية بأذرعها المختلفة، لكنها تغيّب في الوقت نفسها الإخفاقات العمرانية ذاتها التي تواجهها سواء القاهرة الخديوية نفسها أو الأحياء الحديثة بما فيها العشوائيات التي تنتشر في أجزاء عدّة من العاصمة المصرية، ليظلّ السؤال الأساسي حول إمكانية إيجاد خطّة عمرانية شاملة توازي بين تمكين الإنسان والتطوير الحضري والتنمية في وجوهها المتعددة.
المؤتمر الذي تنظّمه "دار الكتب والوثائق القومية" يختتم مساء اليوم الإثنين، ويهيمن الجانب النظري والتقني على معظم أوراقه ومنها "النقوش الكتابية كوسيلة تواصلية على العمائر الدينية في مدينة القاهرة حتى نهاية العصر المملوكي" لـ كريم محمد حمزة، و"مظاهر اهتمام الخديوي عباس حلمي الثاني بالجامع الأزهر" لـ محمد مجدي الجزيري، و"مشروع تسجيل المشربيات في القاهرة التاريخية" لـ محمد الديب.
إلى جانب ورقة بعنوان "بيئة الحديث القاهرية في عهد الممالك البرجية" لـ محمد السيد إسماعيل، و"التراث وترسيخ الهوية لبناء الإنسان وتطوير العشوائيات بمدينة القاهرة في ظلّ أهداف التنمية المستدامة" لـ جيهان حسن مصطفى، و"تاريخ الحرف اليدوية في مدينة القاهرة منذ بداية عصر محمد علي باشا" لـ أحمد سعيد زيدان.