ينطلق بعد غد الإثنين، الثامن من آذار/ مارس الجاري، معرضٌ يحمل عنوان "تراتيل خافتة"، يُنظّمه بتقنيات العرض الافتراضي "معهد دراما بلا حدود الدولي" في مقاطعة بافاريا في ألمانيا. يقدّم المعرض 56 لوحةً من أعمال الفنانة والباحثة الفلسطينية الألمانية دلال مقاري باوش التي تشير إلى انتماء هذه الأعمال إلى نمط مخصوص طوّرته ضمن فن الكولاج تسمّيه بـ"كولاج ثيرابي".
في حديث إلى "العربي الجديد"، توضّح مقاري باوش تصوّراتها لهذا النمط الفني الذي تقترحه ويعتمد على المزج بين علم النفس وفن الكولاج. تقول: "عُرف فن الكولاج، تاريخيًا، كفن بصريّ تزيينيّ، لكنه توسّع دلاليًا مع المدرسة السوريالية، وحمل تأويلات جديدة ما شحنه بأبعاد فكرية باتت جليّة في معظم ما يقدّم ضمن فن الكولاج اليوم. لكن ظل هذا الفن غريبًا عن مدراس التشكيل لارتباطه بالفنون التطبيقية".
تضيف: "من خلال دراستي لتاريخ الفن من جهة، واهتمامي كرسّامة بمدارس الفن التشكيلي، حاولتُ أن أستنبط دوراً جديداً للفنون، وخاصة فن الكولاج، ضمن مقاربات العلاج بالفنون، وهو ما يتقاطع مع انشغالات أخرى أعمل ضمنها مثل السايكودراما والدراما ثيرابي. وعبر تجارب متعدّدة مع ضحايا اللجوء والتهميش الاجتماعي استطعتُ أن أشكّل قاعدة نظرية وعملية لمنهجي في "الكولاج ثيرابي"، ومن خلالها أسعى إلى مساعدة طالبي العلاج على التعبير عن معاناتهم وإيجاد الحلول المناسبة من خلال المعادل الفني (العمل الإبداعي المنجز بالكولاج) حيث يمثل تجربة حلولية باعتبار أنه يمكّن الشخص المستهدف أن يحلّ في تفاصيل الكولاج الذي ينفذه".
تشير مقاري باوش إلى خصوصية هذا الشكل الفنيّ والعلاجي، من حيث أن "هذا التعبير البصري له بُعدان درامي وفني، حيث يقوم على تحرير الطاقة الكامنة داخل المستهدف بالغوص في أعماقه أثناء تشكيله وتكوينه لكولاجه الخاص، ومساعدته على إيجاد ممرات جديدة للبوح والتفريغ".
كما تلفت إلى أن هذا المنهج "متحرّر من سلطة المُعالِج عكس منهج التحليل النفسي مثلاً، ليُصبح طالب العلاج سيّد جسده وصوته وانفعالاته، ولا يقوم دور المعالج إلا على التأهيل والمساعدة، بدفع المستهدف من العلاج إلى إعادة تشكيل مفاهيمه لتقوده إلى التغيير".
يقدّم معرض "تراتيل خافتة" رؤية الفنانة السورية الألمانية لقضايا تعيشها المجتمعات الحديثة مثل اللجوء والتمييز الاجتماعي. تقول عن لوحات المعرض: "هي محاولة للبحث عن الذات وإعادة تفسيرها من خلال تعريتها بالبوح العفوي عبر الكولاج، إلى جانب اشتغالها على البحث عن كيفية الاندماج والتكيّف في المحيط الاجتماعي".