"باريس هوسمان": مدينة تغيّرت ملامحها بعنف

14 مارس 2021
من بوستر الجولة (لوحة من القرن التاسع عشر)
+ الخط -

يعتبر رجل الدولة الفرنسي جورج أوجين هوسمان (1809 - 1891) صاحب أكبر مشروع في تغيير ملامح مدينة باريس، فبين عاميْ 1853 و1870، وهو ما يتقاطع مع فترة باتت تعرف بـ"الإمبراطورية الثانية"، اشتغل على مشاريع عمرانية كثيرة يمكن تلخيصها في هدف واحد: تحديث باريس كي يكون باستطاعتها الاستفادة من ثمار الثورة الصناعية.

بالنسبة للمؤرّخين، فإنه يوجد باريس ما قبل وما بعد هوسمان. مساء اليوم، تنظّم جمعية "باريس زيغزاغ" جولة ثقافية افتراضية يضيء الباحثون المشاركون فيها مجموعة من المباني التي ظهرت في الفترة التي انهمك فيها هوسمان في تغيير ملامح المدينة، وبالطبع يجري في كل مرّة الإشارة إلى ما كانت عليه تلك الأماكن قبل أن يأتي رجل الدولة الفرنسي ويغيّرها إلى الأبد.

من زاوية بحثية، تمثّل مرحلة هوسمان العصر الذهبي للبورجوازية، فبعد أن تمكّنت من مفردات إدارة الدولة - منذ الثورة الفرنسية - بدأت تجعل كل شيء على صورتها وحسب مصالحها من الفن إلى السلوكات اليومية، مروراً بالمعمار. ومن الوجيه أن نعرف أن سطوة هوسمان انتهت بثورة الطبقات العاملة على بورجوازية باريس ضمن ما عُرف بـ"كمونة باريس"، والتي تعبّر عن عدم رضا شعبي عما كان هوسمان وبقية المسؤولين يقومون به في المدينة.

مع أفكار من قبيل إنشاء مبان ضخمة تعبّر عن عظمة فرنسا خلال القرن التاسع عشر، أو توسيع الشوارع لتهيئة المجال لمرور السيارات، رَحَت مشاريع هوسمان الكثير من الأحياء القديمة بمساكنها وأسواقها ومحلاتها، وهي الفضاءات التي كانت عامة الشعب تقطنها وتعيش فيها، وقد دُفعت في زمن هوسمان إلى البحث عن أماكن أخرى تعيش فيها كانت في الغالب بعيدة عدة كيلومترات عن وسط العاصمة.

استعادة هذه الفترة في جولة ثقافية يفتح على عدة إشكاليات في تاريخ فرنسا خلال القرن التاسع عشر، كما يُظهر بشكل واضح التاريخ المعماري للمدينة، وكما طمس هوسمان ما قبله فإن موجات أخرى ذهبت بالكثير من المعالم التي جرى إنشاؤها تحت إشرافه.

المساهمون