يعيد الباحثون جذور الفرجة المسرحية في القارة السمراء إلى الطقوس الدينية والمناسبات الاجتماعية منذ مئات السنين، لكنه ظلّ ينقل شفاهية في بلدان جنوب الصحراء حتى منتصف القرن العشرين قياساً بالدول الأفريقية العربية التي دوّنت أشكالاً مسرحية في فترة أقدم.
التمايز بين شمال أفريقيا وجنوبها لا يلغي المشتركات التي قامت على مواجهة المسرح للاستعمار حيث وُظّف في الجغرافيتين كوسيلة للتعبير عن الذات الوطنية، ثم اشتبك مع الواقع في مرحلة ما بعد الاستقلال ليناقش الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تتوّجه الدورة الأولى من "المنتدى الأفريقي للمسرح الاجتماعي" التي تنطلق صباح الخميس المقبل في مدينة الدار البيضاء وتتواصل لخمسة أيام إلى خلق مساحة لتبادل الخبرات بين مختلف المنظمات الأفريقية التي تستخدم المسرح كأداة للتنمية الاجتماعية.
وُيفتح النقاش حول "أهمية هذا النوع من المسرح، من أجل خلق شبكة فنية متضامنة، وتعريف الجمهور المغربي بتجارب المسرح الاجتماعي المختلفة في القارة الأفريقية، مع تدريبهم على تقنياته المتعددة"، بحسب بيان المنظّمين.
المنتدى الذي تنظمه "جمعية كورارة للفنون والثقافات" تحت شعار "المسرح والمجتمع"، يهتمّ بثلاثة محاور أساسية: البحث العلمي الميداني الذي يربط المجتمعات بالممارسة المسرحية، والإبداع الجماعي عبر تقديم عروض مسرحية، والتدريب على تقنيات المسرح وفنونه.
وتتضمّن الفترة الصباحية لقاءات وموائد مستديرة تجمع المهتمين بالمسرح الاجتماعي، حيث يقدّم الباحث محمد أعراب ورقة بعنوان "المسرح الاجتماعي: تأصيل المفهوم ورهانات الاشتغال"، إلى جانب ورقة للباحث عدنان نصري بعنوان "التجربة المغربية في المسرح الاجتماعي".
وتعقد ثلاث ورشات تدريبية في فترة ما بعد الظهر؛ الأولى بعنوان "التدخل العاجل باستعمال مسرح المنتدى"، من تأطير المخرج المسرحي التونسي أيوب الجوادي، والثانية بعنوان "التصنيع الحرفي للممثل" من تأطير المسرحي محمدو ديول من السنغال، والثالثة حول سيكولوجية الممثل، من تأطير المسرحي الموريتاني أمادو كاكو.
وفي المساء، تقدّم مجموعة من العروض المسرحية منها "احتراق" "وحكاية النيوفة" للمخرج حسني المخلص؛ الأولى كنتاج للإقامة الفنية في إطار المشروع والثانية من إنتاج "فرقة مسرح المحكور"، و"طار الفريخ" للمخرج سامي سعد الله من إنتاج "فرقة الدمليج".
يُذكر أن المنتدى يعقد بالتعاون مع مؤسسات "الفنانون الناشطون" (ليزارتيفيست) من تونس، و"المدينة للفنون" من مصر، ومؤسسات أخرى في السنغال وموريتانيا وبوركينافاسو.