"القصة الكردية القصيرة": فجوة وستة وعشرون نصاً

15 أكتوبر 2020
فاتح المدرّس/ سورية
+ الخط -

رغم المشترك التاريخي والاجتماعي الذي يعود إلى مئات السنين، لا تدرّس أي من الجامعات في العالم العربي اللغة والأدب الكرديين، ما يعني افتقاد المتخصّصين من النقّاد والباحثين الذين يمكنهم استيعاب واحدة من أقرب الثقافات إلى العربية، ويتزامن ذلك مع جملة أحداث سياسية وقعت خلال العقود الماضية في العراق وسورية تلعب دورها في التباعد بين هويّتين تسكنان الجغرافيا ذاتها.

من ضمن المحاولات الفردية لتجسير فجوة آخذة بالاتساع، صدر حديثاً كتاب "مختارات من القصة الكردية القصيرة" عن "فضاءات" والذي يتضمّن ستّة وعشرين نصاً ترجمها إلى العربية الكاتب السوري الكردي جان دوست (1965)، وتغطّي مروحة واسعة من الجغرافيا الثقافية الكردية المتوزّعة على دول المنطقة.

يعود المترجم في مقدّمته إلى تاريخ السرد الكردي مع بروز العديد من المحاولات على يد شعراء كلاسيكيين، يذكر منهم فقي طيران (1590 – 1660) الذي نظم قصّة الشيخ المتصوّف الصنعاني الذي وقع في غرام أميرة أرمنية، وهجَر بلاده من أجلها، وارتد عن الإسلام واعتنق المسيحية ثمّ عاد إلى إسلامه بعد رحلة معاناة طويلة.

يضيء الكتاب ما وصلت إليه القصّة الكردية من تطوّر فني خلال قرن

يعدّد دوست أشعاراً ملحمية أخرى مثل قصة "مم وزين" للشاعر أحمد خاني (1651 – 1709) التي ترجمها إلى العربية محمد سعيد البوطي، أو قصة النبي يوسف التي نظمها الشاعر سليم الهيزاني خلال القرن الثامن عشر، أو قصة مجنون ليلى التي قدّمها الشاعر سوادي في القرن التاسع عشر، وصولاً إلى أوائل القرن العشرين حين ظهرت القصة القصيرة كجنس أدبي مستقل مع بدايات الصحافة الكردية.

ويوضّح هنا أن مورّخي الأدب الكردي يشيرون إلى أن أوّل قصة كردية مكتملة الشروط ظهرت على يد الكاتب فؤاد تمو، والتي نُشرت في العدد الأول من صحيفة "روزي كرد" في حزيران/ يونيو عام 1913، لكنه يشير إلى أن تطوّرها ظلّ بطيئاً بسبب منع التحدث والكتابة باللغة الكردية بعد انهيار الدولة العثمانية.

يضيء الكتاب ما وصلت إليه حال القصة الكردية من تطوّر في النواحي الفنية وطرق السرد الحكائي والملامح الأدبية واللغة ومعالجة موضوعات متعدّدة تعكس تنوّع البيئة والزمان والمكان الذي كُتبت فيه كلّ قصة، حيث اختيرت نصوص تمثّل كتّاباً من مناطق مختلفة.

مختارات من القصة الكردية القصيرة - القسم الثقافي

يفتتح دوست كلّ قصة بسيرة مختصرة لكاتبها تحتوي نبذة عن حياته الشخصية والمهنية وأبرز إصداراته، ويمكن ملاحظة أن الكتّاب الأكراد في تركيا يستحوذون على الحصة الكبرى من مجموع المختارات، وهم فرات جوري، وحسن منه، ودولار زراق، وروكيا أوزمن، ولورين س. دوغان، ومحمد دجلة، وإبراهيم سيدو آيدوغان، وعبد الله كوجر، وجيا مازي، ومحمد علي كوت، ويعقوب تل أرمني، وجوان باتو، وأنور كاراهان، وصلاح الدين بولوت، وكاميران بدرخان.

كما نطالع قصص فرهاد بيربال وفرهاد شاكلي من كردستان العراق، وحسن قزلجي ونجيبة أحمد من إيران، وجان دوست وبافي نازي من سورية، وتوسن رشيد وخليل جاجان وأمريك سردار وعسكر بوبيك من مناطق الاتحاد السوفييتي السابق.

المساهمون