يعيد الباحثون بدايات التشكيل القطري إلى ستينيات القرن الماضي، والدور التأسيسي الذي قام به الفنان جاسم زيني (1942 - 2012) الذي تخرّج "أكاديمية الفنون الجميلة" في بغداد عام 1968، حيث تنوّعت اشتغالاته بين الجداريات التي نفّذها بالفيسفساء في ساحات المدارس، ورسم الكاريكاتير وتصميم أغلفة المجلّات، ورسوماته التي توثّق واقع مجتمعه وتحولاته المعاصرة.
"الفن التشكيلي في دولة قطر: ستون عاماً من الإبداع (1960 -2020)" عنوان الكتاب الذي صدر للفنان حسن الملا حديثاً عن "المؤسسة العامة للحي الثقافي – كتارا" بالاشتراك مع "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (ألكسو) ضمن سلسلة من إصدارات "مكتبة الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي".
يتناول الكتاب العوامل المؤثّرة في الحركة الفنية في قطر وسِماتها
الكتاب الذي يضمّ ثلاثمئة وخمسين صفحة، استغرق العمل عليه حوالي ثلاثة أعوام من خلال الرجوع إلى العديد من المصادر، والتواصل بصورة مباشرة مع الفنانين المعاصرين، بالإضافة إلى جميع المؤسسات المعنية، وهو يوثّق للحركة التشكيلية القطرية، ويتضمّن العديد من الصور للوحات ومنحوتات وغيرها من الأعمال التي تمثّل جميع الاتّجاهات التي ظهرت في البلد خلال ستّة عقود.
يتناول المؤلّف جيلَ رواد الحركة التشكيلية المُعاصرة، وأوّل معرض تشكيلي افتُتح في البلاد عام 1973، ثم تأسيس "الجمعية القطرية للفنون التشكيلية" سنة 1974 على يد الفنانِين يوسف أحمد، ومحمد علي الكواري، وسلطان السليطي، وسلطان الغانم، وحسن الملا، ووفيقة سلطان، وعيسى الغانم، ويوسف الشريف، وأحمد السبيعي، ومحمد علي عبد الله، وعبد الله دسمال، وسلمان المالك، ومحمد جاسم الجيدة، وماجد المسلماني، وعلي شريف، وسيف الكواري وفرج دهام.
وينتقل الكتاب إلى جيل الوسط وصولاً المرحلة المُعاصرة، بما قدّمته من إبداعات تشكيلية جديدة، ما يتيح له تناول موضوع الأصالة والمُعاصرة في التشكيل القطري، كما يتناول العوامل المُؤثّرة في الحركة الفنية في قطر وسِماتها، والفن التشكيلي المُعاصر واتجاهاته.
كما يقدّم دراسة تفصيلية لأهمّ الفنانين القطريين عبر مراحلهم المُختلفة من حيث الأجيال، حيث يتزاوج الجهد التأريخي التوثيقي مع قراءة معمّقة لتفاصيل الحركة التشكيلية بكافة جوانبها الفنية والتعبيرية والفكرية، ووضعها في عمل نقدي.
يُذكر أن سلسلة إصدارات "مكتبة الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي" تشرف عليها "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم" (الألكسو)، حيث تقدّم لمحة تاريخية عن نشأة الفن التشكيلي في كلّ بلد، وأنواع هذا الفن، مع عرض لكلّ حقلٍ منه، ومدارسه واتجاهاته، وعناصر الأصالة والإبداع فيه، ومدى تأثّره بالمدارس الفنية التشكيلية الأخرى، وكِبار ممثّلي هذا الفن من الروّاد والمعاصرين، مع تحليل نماذج من أعمالهم البارزة، وإرفاق نماذج مصورّة إيضاحية لأنواع هذا الفن.
أمّا حسن الملا، فهو مولودٌ عام 1951، وحائز درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة في "جامعة بغداد" عام 1975، وقد تناول في لوحاته التراث والبيئة الطبيعة في قطر، وأقام معرضه الشخصي الأول عام 1988. وهو يدرّس الرسم في "جامعة قطر"، وشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات حول الحركة التشكيلية القطرية.