"الفنّ المصري في العشرينيات": تيّارات الحداثة وسِجالاتها

11 يونيو 2022
"البيت المصري في كافالا" لمحمد ناجي (من المعرض)
+ الخط -

في عام 1908، تأسّست مدرسةٌ للفنون الجميلة في القاهرة كان لها دَورٌ في تخريج أسماء عديدة مثّلت الجيل الأوّل من التشكيليّين المصريّين، بعد أن كان تعلُّم الرسم مقتصراً على أبناء الأثرياء الذين كان يُرسَلون إلى مراسم الفنّانين الأرمن واليونانيّين والإيطاليّين والفرنسيّين المقيمين في مصر.

برز الجدل خلال السنوات اللاحقة حول الفن الذي تكرّست قواعده الأكاديمية الآتية من الغرب، في ظلّ دعوات موازية للبحث عن جذور فرعونية وقبطية وإسلامية تُعبّر عن الهوية المصرية. وتزامَن ذلك مع ثورة 1919 التي تركت أثرها في نهضة المجتمع على أساس حداثوي ديمقراطي في مختلف المجالات، ومنها الفنون.

حتى الأول من آب/ أغسطس المقبل، يتواصل في "قصر عائشة فهمي" بـ"مجمع الفنون" في القاهرة معرضُ "الفنّ المصري في عشرينيات القرن الماضي"، الذي افتُتح في الأوّل من الشهر الجاري، ضمنَ استعادةٍ للعقد الذي شهد العديد من السجالات والتنظيرات البارزة في الثقافة العربية.

أعمالٌ تعكس بحثاً وانشغالاً بالتعبير عن هوية مصرية معاصرة

يضيء المعرض الزخم والتنوّع اللذين تميّزت بهما تلك المرحلة، مع ظهور أُولى التيارات؛ مثل "جماعة الفنون الجميلة" عام 1921، و"جماعة أصدقاء الفنون" عام 1923، و"جماعة الخيال" عام 1927، وظهرت متابعات للمعارض التي بدأت بالانتظام ومقالات نقدية في الصحافة المصرية، وحمل معظم الفنّانين أفكاراً تدعو إلى حرية الفكر وتحرُّر المرأة وتعليم الفنون في المدارس.

يضمّ المعرض تسعين عملاً تمثّل تجارُب عشرين فنّاناً من روّاد الحركة التشكيلية المعاصرة التي وضعت الفن المصري، والعربي عموماً، على خريطة الفنّ في العالم، وكان لها دورها أيضاً في تأسيس الأطر النقابية والمؤسّسات الفنّية في الثلاثينيات؛ مثل "المجمع المصري للفنون الجميلة" و"رابطة الفنّانين المصريين" التي لا تزال قائمةً حتى اليوم.

يقف الزائر أمام أربع منحوتات من الحجر والبرونز لمحمود مختار (1891 - 1934)، تجسّد واحدةٌ منها المرأة الريفية المصرية وعلاقتها بنهر النيل، والتي ترمز إلى نهضة مصر، في محاولته لمزج عناصر القوّة والخصوبة والجمال في أعماله الواقعية التي تُجسّد ملامح الشخصية المصرية وتعبّر عنها بعد طول زمن من محوها وإقصائها عن الحياة العامة قبل العشرينيات.

يضمّ تسعين عملاً لرموز الجيل الأوّل من التشكيليّين المصريّين

ويضمّ المعرض، أيضاً، خمسة أعمال لمحمد ناجي (1888 - 1956)، ومنها لوحات "على شاطئ المحمودية" و"جبل القرنة" و"البيت المصري في كافالا"، والتي نفّذها بعد تجواله في معظم المدن والقرى المصرية في الثلاثينيات؛ حيث كان مشغولاً بتصوير العلاقة مع الأرض، والمواسم الدينية، والتقاليد في الأرياف، ضمن أسلوبه الانطباعي.

أمّا يوسف كامل (1891 - 1973)، فتتضمّن لوحاتُه التي نفّذها بالألوان الزيتية العديد من المناظر الطبيعية والبورتريهات، كما رسم العديد من الشخصيات التي تعيش على الهامش؛ سواء في الريف أو الأحياء العمّالية في القاهرة. بينما تعكس لوحات محمود سعيد (1897 - 1964) طقوس التصوُّف من حلقات ذِكر وزار، ومعالم مدينته الإسكندرية، والبورتريهات النسائية، وهي الثيمات الأساسية التي قدّمها.

ويضمّ المعرض أعمالاً لفنّانين آخرين؛ مثل: راغب عياد (1882 - 1982)، وجورج صبّاغ (1887 - 1951)، ومحمد حسن (1892 - 1961)، وإيمي نمر (1907 - 1974)، وشعبان زكي (1899 - 1968).

المساهمون