في الدراسات التي تحاول تأصيل النسوية الإسلامية، غالباً ما تجري العودة إلى فترة تاريخية مبكرة تتمثل في بدايات الدعوة حيث نماذج أمهات المؤمنين مثل أم سلمة وعائشة ولاحقاً نموذج سكينة بنت الحسين، وعادةً ما تنشغل تلك الدراسات بشكل رئيسي بإعادة تأويل النص الديني.
"الفكر النسوي الإسلامي في العالم العربي المعاصر بين التراث والحداثة" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثة الأردنية ميسون ضيف الله الدبوبي عن "الآن ناشرون وموزعون"، وفيه تتقصّى طبيعة المـشاركة الفكرية للنـسوية الإسلامـية داخل البلاد العـربية، وخصوصيتها التي تميزها عن النسوية الغربية العلمانية، وتحاول الكشف عن طبيعة الأسس التي استندت إليها، ومدى قدرتها على كشف الفهم المغلوط والتحيزات الثقافية المحلية بشأن المرأة، مع بيان للتوجهات الفكرية والكشف عن العوائق التي تعترضُ هذا الفكر.
يتقصّى طبيعة المـشاركة الفكرية للنـسوية الإسلامـية داخل البلاد العـربية
تشير المؤلّفة في مقدمة الكتاب إلى أن مصطلح الفكر النسوي يفهم بأنه الفكر الصادر عن نساء مسلمات سواء كان موضوع هذا الفكر النساء أم قضايا أخرى. كما يفهم أيضاً بأنه الفكر الصادر عن نساء مسلمات أو رجال مسلمين بحثوا في قضايا النساء وحقوقهن المنقوصة، وحاولوا فيها الدفاع عن حقوق المرأة من خلال الإسلام وباسمه. والواقع أن الذي يحدد أي المفهومين هو المقصود هو السياق الذي تُعرض فيه أفكار أي من هؤلاء النساء أو الرجال. وفي هذا الكتاب سيكون الفهم الثاني هو المستخدم، إلا إذا دلّ السياق بوضوح على المعنى الأول.
وتوضح الدبوبي بأن "النسوية الإسلامية سعت إلى تقديم حلول لهذه المشكلة بدعوتها إلى إعادة فتح باب الاجتهاد؛ بهدف كشف الأفهام المغلوطة والتحيزات الثقافية بشأنها، وإعادة تفكيك النصوص الدينية وتحريرها من الهيمنة الذكورية؛ ذلك أن السيطرة الذكورية الممتدة على مجال تأويل النصوص الدينية، جعلت التفاسير التي تقلّل من مكانة المرأة مغروسة في اللاوعي الجمعي، ولهذا أصبح من الضروري إعادة قراءتها".
وتناولت الدراسة في الفصل الأول نشأة الفكر النسوي العربي الإسلامي، وعرض الفصل الثاني بحث النسوية عن ذاتها نتيجة الوعي والتغيير، وأظهر الفصل الثالث المرتكزات الفلسفية الوجودية والمعرفية التي اعتمد عليها الفكر النسوي الإسلامي في تأسيس أفكاره، أما الفصل الرابع فتطرّق إلى الأسس القيمية والأخلاقية لحقوق المرأة من منظور الفكر النسوي الإسلامي، وركّز الفصل الخامس على توجهات الفكر النسوي الإسلامي في العالم العربي، ونماذج ممثلة لتصنيفاته الفكرية، وتضمّن الفصل السادس معوقات الفكر النسوي الإسلامي المعاصر المتعقة بدور النظام الذكوري والسلطة السياسية.
يذكر أن ميسون الدبوبي تحمل درجة الدكتوراه في الفلسفة من "الجامعة الأردنية" عام 2017. تناولت في أطروحة الماجستير موضوع تمكين المرأة الأردنية في جميع المجالات، وأنجزت عدداً من الأبحاث المتصلة بموضوع النسوية في العالمين العربي والإسلامي.