تتباين الآراء في إزالة عدد من المقابر التاريخية وسط القاهرة، ومنها مقابر تعود إلى أسرة محمد علي باشا، ضمن خطة لتوسيع العاصمة المصرية وإنشاء طرق جديدة، وسط رفض العديد من الناشطين المصريين لإزالة هذه المعالم التاريخية، وبين المدافعين عن مشروع التطوير الذي تقوده الحكومة.
وأقيمت خلال الأشهر الماضية عدّة فعاليات للوقوف على القضية، حيث استضافت "مكتبة القاهرة الكبرى" الشهر الماضي وسط تصاعد الحملة التي يقودها أساتذة عمارة وتخطيط حضري لوقف عمليات الهدم المتواصلة.
"العمارة الجنائزية في مصر المعاصرة" عنوان الندوة التي ينظّمها "بيت المعمار المصري" في القاهرة عند السادسة من مساء السبت المقبل، بمشاركة أستاذة التخطيط العمراني جليلة القاضي والباحث مصطفى الصادق، والمعماريَّين طارق المري وعلياء النصار.
تنظّم الندوة في وقت تتصاعد فيه الدعوات لوقف هدم المقابر التاريخية في القاهرة
وتتناول الندوة التعريف بالقيم التاريخية والمعمارية والروحية والرمزية والثقافية لجبانات (مقابر) القاهرة التاريخية، وأهميتها كتراث عالمي ومحلي، وضرورة وسبل الحفاظ عليها لكونها مكوناً مهماً لمدينة القاهرة، وجزءاً أصيلاً من المشهد العمراني ووعاءً لذاكرة مصر"، بحسب بيان المنظّمين.
أمضت القاضي قرابة خمس وثلاثين سنة في دراسات مواقع لعدد من هذه المقابر، وأجرت مسحاً للمباني القائمة فيها، ورصدت الانتهاكات المتواصلة منذ عام 1952، حيث تضمّ نحو خمسة وسبعين موقعاً مسجلاً ضمن عداد الآثار، وهي تمثّل ما مجموعه 15% من الآثار الإسلامية القبطية داخل مصر.
وتقف في هذه الدراسات عند التدمير الذي تعرّضت له مناطق مثل حوش السلحدار الذي هو بمثابة مدينة للموتى، بالإضافة إلى زحف المناطق العشوائية لمنشآت جنائزية كبرى، منها مجموعة قايتباي، بما تحتوي عليه من فنون إسلامية.
ويطرح المري آليات عملية لمواجهة التحديات التي تهدد جبانات القاهرة التاريخية والبدائل الممكنة، التي يرى أنها بحاجة ماسّة لإعادة تأهيلها وتحويلها إلى مراكز سياحية ثقافية، لا التخلّص منها بما يشوّه النسيج التاريخي للقاهرة وهويتها التاريخية.
وتضيء النصار "القرافة" كتراث موصول، وقد بُني معظمها قبل أكثر من قرن، إلا أن المسجل منها كأثر مصري عدده محدود، الأمر الذي يبيح هدم باقي الجبانات، تحت وطأة المنفعة العامة، الذريعة التي تتخذها الدولة في الدفاع عن إزالتها، بينما يعمل الصادق حالياً على تجميع مادة كتابه الأول عن العديد من شواهد القبور التي تنتمي إلى تاريخ مصر الحديث.
يقام على هامش الندوة معرض فوتوغرافي يوثق بعض الصور للقرافتين، الصغرى والكبرى، وهما امتداد عمراني متشعب من المدافن الممتدة من شرق القاهرة الحديثة إلى سفح القلعتين، حيث تقع المقابر المعروفة الآن في مقابر السيدة نفيسة، ومقابر السيدة عائشة وتفريعاتها، وهذه المقابر المعروفة في وثائق التراث العالمية باسم مدينة الموتى، مسجلة بكاملها على قائمة التراث العالمي، ويعود تاريخها إلى نهايات القرن السادس الميلادي.