"الشارع فن": محرّكات ثقافية جديدة

24 يوليو 2021
جزء من عمل لـ شوقي شمعون/ لبنان
+ الخط -

هناك انحسار واضح للنشاط الثقافي منذ أكثر من عام ونصف بسبب الجائحة العالمية. ربما هي مناسبة كي نقف على محرّكات أخرى للعمل الثقافي غير المهرجانات والعروض والمعارض. ومن ذلك مبادرات دعم وتمويل المشاريع الإبداعية.

32 شابًّا، من سبعة بلدان عربية، هي الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وتونس إضافة إلى المغتربين الليبيين والسوريين، يتقدّمون منذ نيسان/أبريل الماضي في مشاريع اقترحوها ضمن برنامج "مبادرات ثقافية ومدنية يقودها الشباب" تحت إشراف جمعية "الشارع فن" في تونس وبتمويل من "الاتحاد الأوروبي".

تقوم فكرة البرنامج على مفهوم واسع للعمل الثقافي حيث أن المممارسات الفنية لا تمثّل إلا جزءاً من المشاريع التي جرى انتقاؤها من بين 377 مترشّحاً. الفكرة الجامعة هي تطوير الروابط البشرية والتوعية الإبداعية على إحداث تنمية اجتماعية-اقتصادية ودفع عجلة التغيير الإيجابي. أما الهدف فهو ردم الهوّة بين الثقافة والمواطنة والسياقات المحلّية.

من هذه المنطلقات لن نجد في قائمة الأعمال المدعومة مشاريع تأليف كتب وإنجاز أفلام وألبومات موسيقية فحسب كما جرت العادة مع صناديق الدعم الثقافي بل سنجد مشاريع ​في مجالات أخرى مثل الهندسة المعمارية والجغرافيا والأزياء والبيئة.

لا تكتفي جمعية "الشارع فن" بتقديم منحة مالية، بل تهدف إلى تطوير كفاءات الشباب المشاركين ودفعهم لإيجاد حلول أمام مراحل تنفيذ المشروع، ومن أجل ذلك جرى اقتراج منهج جديد مؤلّف من مرحلتَيْن: منحةٌ بحثية ممتدّة من نيسان/أبريل إلى تشرين الأوّل/أكتوبر 2021، ومرحلة إنتاجية اعتبارًا من العام 2022، على أن يقوم أصحاب المشاريع بإنجازها من الألف إلى الياء. 

من خلال طيف المشاريع التي يجري إنجازها حالياً يمكن أن نرى اتساع الفضاء الثقافي الذي يتشكّل، من ذلك مقترح مجموعة "كولوكولو" من سلا المغربية بإطلاق سيرك حضري، ومشروع "وكايل" للكاتبة المسرحية التونسية مروى المناعي وتهدف فيه لتوثيق ذاكرة مساكن درَج استعمالها في الخمسينيات مع توافد العمّال لتونس العاصمة وباتت الدولة تعمل على محو آثارها لاحقاً.

ويقترح رضا مهني من الجزائر مشروعا بعنوان "Time Gate" يوثق لموسيقى الطوارق في مدينة جانت الجنوبية المعروفة بموقع طاسيلي ناجر الذي يتضمّن اللوحات الصخرية الشهيرة بكونها إحدى أقدم آثار الإنسان على الأرض. فيما يقترح المعماري المصري محمد جوهر وزميله الفرنسي ليون ديبوا تقديم رؤية جديدة للنسيج الاجتماعي والثقافي للإسكندرية من خلال كيفية تفاعل الناس مع المدينة.

هكذا وحين تتوقّف أشكال الإنتاج الثقافي المعروفة زمن الوباء، علينا أن نلتفت إلى محرّكات أخرى تعمل في مسارات جديدة وتضيء الكثير من المساحات المهملة التي لا تتقدّم نحوها "النخب" عادة.

المساهمون