"الرجل الذي صار متحفاً".. مشاركة وثائقية مستمرّة

30 يوليو 2022
علي عيسى في مشهد من الفيلم
+ الخط -

كم تتكرّر في عالمنا العربي تلك الحكاية التي لا يُلتفت فيها إلى تكريم الفنّان إلا بعد موته، أو في مرحلة متأخّرة من حياته، وكأنّ الإنسان وهو في ذروة عطائه يجب أن يبقى في الظلّ، ولا ينال ما يستحقّه إلّا في وقت متأخّر من مسيرته الفنية.

ما زال الفيلم الوثائقي الذي وقّعه المخرج التونسي مروان الطرابلسي عام 2019 وحمل عنوان "الرجل الذي أصبح متحفاً" محطَّ استحسان واحتفاء في أكثر من فعالية سينمائية. فبعد أن عُرض مؤخّراً في تظاهرة "الأيام التونسية" ضمن احتفالية "إربد عاصمة للثقافة العربية" في الأردن، أُعلنَ قبل أيّام عن مشاركته في مهرجانين سينمائيين هما "مهرجان سيدي محمد بن عودة الدولي للأفلام الوثائقية" في الجزائر في أيلول/ سبتمبر المقبل، و"المهرجان الدولي العربي الإفريقي للفيلم الوثائقي" بالمغرب في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ورغمَ أنّ الوثائقي (70 دقيقة) هو الأوّل لصاحبه، إلّا أنّ فكرته الإنسانية جعلت منه عملاً عصيّاً على النسيان؛ إذ يمكنُ وصفه بأنّه فنٌّ رسالي ينتصر لفنّ آخر، فالشريط يتناول سيرة حياة التشكيلي التونسي علي عيسى (1938 - 2019) في محاولة لتسليط الضوء على حياته بعد أن لفّتها العزلة، وعدم اكتراث الجهات الرسمية بحياة الفنان.

يروي الفيلم حكاية عيسى الذي درس الفنون في تونس مطلع الخمسينيات، قبل أن ينتقل إلى بيروت ويكمل مرحلته الجامعة في "الجامعة الأميركية" ويعود إلى بلده حيثُ أسّس فضاء "أليسا" في باردو. لكنّ كاميرا الطرابلسي تلتقط زواياً نافرة في حياة الفنّان، أو بالأحرى من حاضره وليس تاريخه وكفى.

تشكّل الدمى والأقمشة والزجاجات الفارغة، واللوحات بأُطرها الخشبية والأغراض المحطّمة، تأثيثاً بصرياً يُحيط بالفنّان في محترفه الذي استحال متحفاً بالفعل بعد مرور كلّ تلك السنوات، وتجربة راكمت أكثر من 3000 عمل، إلّا أنّ المأساة التي حملها الفيلم، تتمثّل في أنّ الفنان الذي خطّ وصيّته رحل بالفعل في نهاية ذلك العام؛ أي 2019، وبذلك صار الفيلم إشارة تكريمية حقّة.

يُشار إلى أنّ الوثائقي حاز عدداً من الجوائز منها: أفضل شريط وثائقي في "مهرجان مينا السينمائي"، بلاهاي الهولندية (2020) وجوائز "أفضل إخراج" و"النقد" و"الغرفة المغربية للفيلم الوثائقي" ضمن "المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي" بخريبقة المغربية.

المساهمون