على مدار السنوات الماضية، عانى العديد من المباني التراثية في مدينة الموصل العراقية، ومنها "البارود خانة" الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1843، إهمالاً من السلطات المتعاقبة لمعالمه الآيلة للانهيار، وصولاً إلى استخدامه من قبل تنظيم "داعش" حين سيطر على المدينة لأكثر من عامين.
أعلنت مفتّشية آثار محافظة نينوى أول أمس عن مباشرة كوادرها مشروع صيانة وتطوير المكان بدعم من قبل منظمة ALIPH الدولية وبالتعاون مع المكتب الاستشاري الهندسي في "جامعة الموصل"، حيث اقترحت المفتّشية تحويله إلى متحف يضمّ العديد من المقتنيات والأسلحة القديمة، بعد الحصول على الموافقات الرسمية من قبل "الهيئة العامة للآثار والتراث" و"المتحف العراقي" في بغداد.
تقع "البارود خانة" بالقرب من الباب العمادي، أحد أبواب المدينة، بجوار مطبعة جامعتها القديمة، وبناها العثمانيون بعد إعادة سيطرتهم على العراق مجدّداً بداية ثلاثينيات القرن التاسع عشر، مع انهيار حكم داود باشا آخر ولاة المماليك.
تأتي أهمية ترميم المبنى لارتباطه بالسور الأثري للموصل القديمة الذي لا يزال شاخصاً للعيان، حيث تمّت المباشرة بأعمال الصيانة الأوّلية والتي شملت رفع الأنقاض، وأعمال التّسوية التُرابية، وإزالة الطبقة الجصّية المتضرّرة، وإصلاح الشقوق في الجدران وسقف البناية، بالإضافة إلى صيانة الأعمدة والأقواس داخل البناية المبنية من حجر الفرش الموصلّي، وترميم الدعامات الخارجية الساندة.
يتكوّن المعلم من ثلاثة مبانٍ رئيسية بمساحة تقدّر بألفين وثلاثمئة وأربعة وسبعين متراً مربعاً وارتفاع يتجاوز أحد عشر متراً؛ المبنى الأوّل قائمٌ حتى اليوم بعد مرور حوالي مئة وتسعين عاماً على تشييده، وهو مؤلّف من طابقين، تسنده دعامات منشورية بطول خمسة أمتار ونصف، وبارتفاع ثمانية أمتار، بينما يبلغ سمك الدعامة أكثر من متر.
أمّا المبنى الثاني فهو بطول اثني عشر متراً وعرض أربعة أمتار ويتكوّن من عدّة غرف، ويقع شرق المبنى الرئيس، ويُعتقَد أنه كان مخصّصاً لسكنى العاملين والمشرفين على بناية "البارود خانة"، إلّا أنه تعرّض للهدم في مرحلة سابقة. وهناك مبنى ثالث كان مخصّصاً للضباط وقد أزيل أيضاً عند بناء مطبعة الجامعة.
يُذكر أنه كانت هناك محاولات سابقة للاستفادة من "البارود خانة" بعد انتهاء الحكم العثماني، حيث تمّ تحويلها إلى جمعية تعاونية، ثم أصبحت متحفاً للتراث الشعبي الموصلي تابعاً لـ"جامعة الموصل"، ونقل منها بعدئذ الى "بيت التوتونجي" في محلّة القطّانين بالمدينة، ثم الى مركز دراسات الموصل في الحرم الجامعي الأول، لكنّ المتحف تعرّض إلى التخريب والنهب والسلب عند احتلال الجيش الأميركي للمدينة عام 2003.