"الأدب والثقافة العربيّة": عددٌ للجسد

05 ابريل 2021
مقطع من عمل لـ أنس البريحي/ سورية
+ الخط -

تعرف ثيمة الجسد عودةً ملحوظة في المدوّنة البحثية العربية، أو الغربية المعنيّة بالدراسات العربية، في السنوات الأخيرة. ويبدو الربيع العربي، والمكانة التي أخذها الجسد في تمظهراته السياسية والاحتجاجية، وكذلك الأدبية والفنية، واحداً من العوامل الأساسية في إعادة الموضوع إلى الواجهة، بعد أن عرف غياباً نسبياً طال عقدين تقريباً.

يمكن التأريخ لفترة الغياب هذه انطلاقاً من آخر أعمال عالم الاجتماع والكاتب المغربي عبد الكبير الخطيبي حول الموضوع، ولا سيّما كتابه "الجسد الشرقي" (صدر بالفرنسية عام 2002). أما نهاية هذه المرحلة، فبدأت في الأعوام القليلة الماضية، مع أبحاث وقّعها مشتغلون عرب وغربيون في العلوم الاجتماعية، مثل كتاب الناقد إبراهيم الحجري "المتخيّل الروائي العربي: الجسد، الهوية، الآخر"، وكتاب الباحث في الأنثرولوجيا عياد أبلال، "الجسد في المجتمعات العربية: بين الواقع والنصّ" (2019). وقد كان آخر هذه الأعمال ما وضعه الباحث السوري، الذي رحل عن عالمنا الشهر الماضي، حسّان عبّاس، "الجسد في رواية الحرب السورية" (2021).

تخصّص دوريّة "الأدب والثقافة العربيّين المعاصرَيْن" المحكّمة ــ التي تصدر بالفرنسية عن منشورات "كلاسيك غارنييه" في باريس ــ عددها الجديد، الصادر مطلع هذا الشهر، لمسألة الجسد، حيث يحمل عنواناً جامعاً هو "الجسد والاضطراب في العالَم العربي". ويضم العدد ثلاثة عشر نصّاً بحثياً ومقدّمة، تنتظم في محوَرين، هما "الجسد والكلمة والقانون في الثقافة العربية"، و"الجسد والتجاوُز في الأدب العربي المعاصر".

الصورة
ليكارك

نطالع، في المحور الأوّل، مسحاً يقوم به فرنسوا كليمُن في المعاجم والمدوّنة الكلاسيكية العربية للوقوف على صوَر الجسد السائدة فيها، على المستوى المعجمي والكلِمي والمجازي وكذلك القانوني، والتي يحاجج بأنّها مفارقة لصورة الجسد كما يعرّفنا إليه عِلم التشريح. أمّا ماري هيلين أفريل، فتبحث في المعاني التي يمنحها الجاحظ للجسد في كتابه "البيان والتبيين"، والعلاقة التي تربط بين البيان، والخطاب التواصلي الذي يقوم عليه الكتاب، من ناحية، والجسد. 

وفي حين يقدّم أحمد ولد علي ورقةً بحثية حول موقع الجسد في الخطاب الشرعي والقضائي المالكيّ، كما في حال الزواج، فإنّ محمّد هنداز يكتب عن مسألة هي في الوقت نفسه أكثر تفصيلاً وعموميّةً، تتعلّق بقضيّة نزع الثياب عن الجثامين في الشرع الإسلامي.

يضمّ المحور الثاني أبحاثاً حول نصوص أدبية معاصرة، كدراسة لـ كلويه تازارتيز حول علاقة الجسد بالإرهاب في روايات لخالد خليفة ووجدي الأهدل. كما نطالع أوراقاً حول جسد المهاجر في الرواية العربية (لـ محمد ميلود غرافي)، وأخرى حول الهوية الجنسية أو الجندرية في رواية "خاتم" لرجاء عالم (لـ إليزابت فوتييه)، أو عن تنميط صورة واحدة عن الجسد الذكوري والأنثوي في القنوات الفضائية العربية (لـ راية رومانوس).

أمّا بقية دراسات العدد، فتعالج، من زوايا مختلفة، صوَر الجسد الأنثوي في عدد من الروايات، كما هو الحال في دراسة لنوال عبد الصمد حول تمثّلات جسد المرأة في رواية عبد الحميد بن هدوقة "الجازية والدراويش"، ودراسة أمينة شرفة لصورة الجسد الأنثوي وتشكّل الهوية في رواية "طفلة السماء" لسمر يزبك، وبحث ليلى نفاتي حول المسألة نفسها في رواية آمال المختار "نخب الحياة"، إضافة إلى ورقة لـ مارتينا تشينسي تعالج العلاقة بين الاختلاف والجسد في روايتين لسلوى النعيمي، في حين تكتب لورانس دُنوز، وهي المحرّرة المسؤولة عن الدوريّة، عن الجسد الأنثوي والاضطراب الاجتماعي في رواية "حكاية زهرة" لحنان الشيخ.

المساهمون