يستعيد الجزائريون في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام ذكرى مجزرةٍ دموية ارتكبتها السلطات الفرنسية ضدّ المهاجرين الجزائريّين في فرنسا؛ حيث أطلقت الشرطة الفرنسية في ذلك التاريخ من عام 1961 النار على جزائريّين نزلوا إلى شوارع باريس في مظاهرات سلمية، بدعوةٍ من "جبهة التحرير الوطني"، للاحتجاج على قانون حظر التجوال الذي فُرض عليهم، والمطالبة باستقلال بلادهم التي كانت تعيش عامها السابع من الثورة التحريرية.
تعرّض الآلاف من الجزائريّين، خلال تلك الأحداث، للقتل والتعذيب والاعتقال؛ حيثُ أردى رصاص الشرطة العشرات من المتظاهرين قتلى، ورُمي بعشرات آخرين في نهر السين، بينما تجاوز عددُ المعتقلين، بحسب مؤرّخين، 12 ألف جزائري.
وبات هذا التاريخُ، الذي أُطلق عليه "يوم الهجرة"، مناسبةً لاستعادة نضالات المهاجرين الجزائريّين وإسهاماتهم في الثورة التحريرية، وأيضاً للإضاءة على قضايا مختلفة ترتبط بثيمة الهجرة من زوايا متعدّدة.
إحدى الفعاليات التي تُقام هذا العام في هذا السياق، تظاهرةٌ بعنوان "الأدب الجزائري المهاجر"، تحتضنها "دار عبد اللطيف" في الجزائر العاصمة ابتداءً من التاسعة والنصف من صباح السبت المقبل، وتتضمّن محاضراتٍ ولقاءاتٍ، وجلسات بيع بالتوقيع، ومعرضاً لمؤلّفات عدد من الكتّاب الجزائريّين المهاجرين. وقد أُطلق على التظاهرة اسم "دورة كاتب ياسين"، ما يُشير إلى نية تنظيمها بشكل سنوي.
وبحسب بيان المنظّمين، فإنّ الفعالية تهدف إلى "إبراز و تثمين دور المثقّفين الجزائريّين المهاجرين في خدمة بلادهم، وربط الجزائر بأبنائها المبدعين المهاجرين، ودراسة الأدب الجزائري المهاجر والتعريف به، واستعادة الأصوات الإبداعية المهاجرة".
حضور بارز للعنصر النسائي وغياب للكتّاب المهاجرين أنفسهم
تُفتَتح الفعالية بمحاضرة يلقيها الكاتب احميدة عياشي بعنوان "كاتب ياسين لسان المأساة الخرساء"، تليها محاضرة من تقديم الأكاديمية زهور آسيا طالب بعنوان "الأمير عبد القادر شاعراً في المنفى بسورية"، ثمّ يتحدّث الروائي والمترجم محمد ساري عن "استعادة الأدب الجزائري المهاجر عبر ترجمته"، والأكاديمي أحسن تليلاني حول "مسرحية 'أمسية في باريس' لمجيد بن الشيخ: بيضة الديك في تشخيص مظاهرات 17 أكتوبر 1961"، لتُختتم الفقرة الصباحية بمحاضرة للروائي والأكاديمي فيصل الأحمر بعنوان "الرواية العربية الجزائرية تعبر الحدود".
وتتضمّن الفقرة المسائية أربع محاضرات؛ هي: "حضور مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في السينما الجزائرية المهاجرة"، والتي يقدّمها المنتج السينمائي ياسين علوي عبر الفيديو، و"المسرح الجزائري المهاجر في تجربة فطيمة قالير" للأكاديمية جميلة الزقاي، و"الالتزام الوطني في الأدب الجزائري المهاجر- تجربة محمد ديب نموذجاً" للأكاديمية آمال صالحي، و"الأدب المهاجر في تجربة أسيا جبار" للأكاديمية شهرزاد توفوتي.
ما يلفت الانتباه في الفعالية هو الحضور البارز للعنصر النسائي؛ حيثُ أنَّ أغلب المحاضرات تُقدّمها أكاديميات، كما أنّ جزءاً منها يتناول تجارب مبدعاتٍ جزائريات مثل آسيا جبار وفاطة قالير. لكن في مقابل ذلك، يغيب الكتّاب المهاجرون أنفسهم، وهو أمرٌ متوقّع بسبب الوضع الصحّي السائد، غير أنه كان بالإمكان تجاوزُه من خلال المداخلات الافتراضية.