"اعترافات بيتهوفن": الموسيقار يتحدّث على خشبة بيروتية

14 اغسطس 2022
الممثل بديع أبو شقرا إلى جانب هنري زغيب أثناء التجهيز للعرض
+ الخط -

شخصيّة فنّية مركّبة عاشت فترةَ تحوّل سياسي وثوريّ كبير في أوروبا، لتخوض على وقعها رحلة إلى ذروة المجد الموسيقي، قبل أن تتوّجَ التراجيديا الفصل الأخير من حياتها. كذلك هي سيرة الموسيقي الألماني الشهير لودفيج فان بيتهوفن (1770 - 1827)، الذي لم يشغل عصره فقط، بل ما زالت آثاره وقصة حياته موضوعاً فنّياً إلى يومنا هذا.

"اعترافات بيتهوفن" عنوانُ العرض المسرحي الذي احتضنه "مسرح مونو" ببيروت، وعُرِض ليلتي التاسع والعاشر من هذا الشهر. كتب النص ألكسندر نجّار بالفرنسية وسبقَ أن قُدّم في عروض مختلفة بين لبنان وفرنسا، في حين وقف الفنّان بديع أبو شقرا ليؤدّيه على طريقة المونولوغ، يُصاحبه عازف البيانو الفرنسي هنري شفرو أمّا الشاعر هنري زغيب فتكفّل بتعريب النص.

ثلاثة مقاعد وحسب هي كلّ أثاث الخشبة، إنّها لا تملأ الفضاء بالأشياء بقدر ما تملؤه بالمعنى وتمهّد للكشف أو الاعتراف، في محاولة لتقديم جوانب من شخصية الفنّان التي طالما أحاطت بها هالة من الأسطرة، خاصّة أن إنجازَه أهمّ أعماله جاء بعد أن فقدَ سمعه، مع ذلك فإنّ المسرحية أظهرَت شخصيّة صاحب "من أجل إليز" في كينونتها الإنسانية العادية التي لا تخلو من الهفوات والأخطاء وأحياناً القبائح.

ينطلق النص من زاوية حرجة، إذ يبحث للموسيقار الشهير عن جمهور أو بالأحرى عن فردٍ إنساني يُخاطبه ويبوح له بعد أن خاطب الملايين مراراً بالموسيقى. في الوقت ذاته فإنّ الغاية من النص تفكيك صورة المبدع التي تتعالى في أذهان الناس، وتختلط فيها الحقيقة بالخيال، والإبداع الفنّي بالطباع والسلوكيات التي قد لا تتوازى معها بالضرورة.

غاية النص النقدية شابها شيءٌ من المباشَرة، وقاربت الأسف الوعظي

ولكنّ هذه الغاية النقدية شابَها شيءٌ من المباشَرة، وقاربتِ التأسُّف الوعظي الذي لا يترك للمتلقّي أن يخمّن ما هو أبعد من الإطار الأوّلي الذي أدخلنا إلى جوّ العمل، وكأنّ الرحلة يُرادُ لها أن تنتهي عند هذه التخوم. صحيحٌ أنّ الطرح المُعتمَد يترُك الأمور للحسّ السليم وحدَه كي يُصاحبَنا في القراءة وتأكيد توقّعاتنا، لكنّه بالتوازي مع ذلك يضعُ حدّاً للتشويق، رغم محاولات المؤدّي في خربطة المشهد أمام أنظار متابعيه.

على ضفّة مقابلة، وأكثر نقدية، عادةً ما توصف هكذا أعمال بأنّها "نُخبوية"، وهذا ما جعل البعض يقدّم إسقاطات عن العمل، أو يبحث عن تبريرات راهنة له، كأن يُقال إنها "اعترافات" (بطبعة لبنانية) نفتّش فيها عن خشبة وكراسٍ تتداور عليها شخصياتٌ مسؤولة ويُنتظر منها أن تعترف بما اقترفت! وبالطبع هكذا نوع من الإسقاطات تفوِّت فرصة توجيه نقد حقيقي ومستحَقّ إلى بُنية النص والرؤيا التي نظمَته.

يُشار إلى أنّ النص كما كتبَه نجّار يتكوّن من سبعة فصول حملت عناوين: "الغروب"، و"أبي"، و"كُرهي الناس"، و"هُنَّ"، و"أوهامي السياسية"، و"ابن أخي"، و"انتقامي". وكلٌّ منها تكشف وجهاً سياسياً أو اجتماعياً أو عاطفياً من وجوه صاحب "السيمفونية التاسعة".

وقفات
التحديثات الحية