"أيام قرطاج المسرحية": ذلك الميراث الذي لا ينبغي إهداره

02 ديسمبر 2021
من مسرحية "منطق الطير" التي ستشارك في التظاهرة
+ الخط -

بداية من بعد غدٍ السبت، الرابع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تعود "أيام قرطاج المسرحية" التي تُقام فعالياتها في قاعات تونس العاصمة حتى الثاني عشر من نفس الشهر. دورة تأتي بعد احتجاب سنة بسبب تأجيل جميع التظاهرات الثقافية العام الماضي، وإن كان من الجدير التنويه إلى أن هذا الاحتجاب لم يؤثّر على إيقاع تنظيم المهرجان بما أنه منذ إطلاقه في بداية ثمانينيات القرن الماضي كان يُقام كل عامين، ولم يدخل نظام الإيقاع السنويّ إلا في 2016.

عودة "الأيام"، في دورتها الثانية والعشرين، هي أقرب إلى محاولة اطمئنان على الحياة الثقافية برمّتها، فمن المعلوم أن هذا المهرجان بالذات له رونقه الخاص، حيث يبثّ حيوية في مدينة تونس عبر طوابير الجمهور خارج القاعات، أو النقاشات بالقرب من المسارح، كما ظهرت في السنوات الأخيرة محاولات فرق مسرح الشارع لاستثمار التظاهرة من أجل إضاءة الأشكال الفنية المبتكرة التي يقدّمونها.

منذ أيام، أُقيمت الندوة التقديمية للتظاهرة، وكان من الواضح أن هناك بحثاً عن تصوّرات جديدة، من ذلك الاجتهاد في تنويع العرض بحيث لا يكتفي بتقديم المسرحيات في القاعات الأساسية لتونس العاصمة، فجرى إطلاق فقرات مستحدثة مثل "مسرح الحرية"، وهي عروض مسرحية جرى إنتاجها داخل السجون، وبرنامج بعنوان "تعبيرات مسرحية من المهجر"، إضافة إلى مساحة لمسرح الطفل وأُخرى لمسرح الهواة، وهي اليوم من أنشط قطاعات الفن الرابع، بمجموع قرابة المائة عمل مسرحي يشارك 14 منها في المسابقة الرسمية، من بينها ثمانية عروض عربية.

تُقرأ عودة المهرجان كمحاولة اطمئنان على الحياة الثقافية برمّتها

تتضمّن الدورة جرعة تكريمية تبدو مبالَغاً فيها بعض الشيء، ففي الندوة التقديمية جرى كشف قائمة مطوّلة من الأسماء التي سيجري الاحتفاء بها كالممثّلة المصرية سميحة أيوب ومواطنيها أحمد بدير وأحمد فؤاد سليم، وعواطف نعيم من العراق، وفضيلة حشماوي من الجزائر، وأمل دباس من الأردن، وفلوريس ادجنهوم من البنين، وجان سيبي أكومو من كينيا، ومن تونس الأسعد بن عبد الله، وجمال المداني، وفاتحة المهدوي، وعبد الغني بن طارة، وسعيدة الحامي، ونورالدين الورغي.

يقترح المهرجان كذلك مجموعة من اللقاءات الفكرية أهمها ندوة تمتدّ لثلاثة أيام، من 7 إلى 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بعنوان "المسرح زمن المخاطر"، إضافة إلى ندوة حول المساحة المسرحية الفارغة وأُخرى عن تقنيات الارتجال.

ذلك ما يقترحه المنظّمون، ويبقى نجاح التظاهرة مرهوناً بتفاعل الجمهور مع هذه المقترحات، فأيّ معنى لجدول عروض مزدحم ما لم تكن القاعات مزدحمة؟ ربما ستمنع الإجراءات الوقائية هذا العام كل ازدحام داخل القاعات، لكن قياس تفاعل الجمهور مع المهرجان لا يُقاس بعدد التذاكر المقطوعة، ببساطة لأنّ من تقاليد "أيام قرطاج المسرحية" حضورُها في الفضاء العام، وذلك هو الميراث الذي لا ينبغي لأية دورة أن تُهدره.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون