"العمل الفني وتحوّلاته": مفاهيم في الفكر الجمالي

27 فبراير 2019
اياد القاضي/ العراق
+ الخط -

كثيراً ما قيل بأن العالم العربي يفتقر إلى متابعة نقدية لما يُنجَز في المجال الفني. ورغم صحّة الملاحظة، إلا أنها لا تشير إلى الأسباب الموضوعية لهذا النقص، ولعلّ أبرزها عدم وجود مقاربات نظرية بحتة بحيث تُسند كل عملية نقدية وتغذيّها بما تحتاجه من نظريات وتمحيص في المفاهيم المستعملة.

عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخّراً كتاب "العمل الفني وتحولاته بين النظر والنظرية.. محاولة في إنشائية النظر" للأكاديمي التونسي خليل قويعة، وفيه يقدّم محاولة اشتغال نظري في مجال الفن، حيث يدرس مفاهيم أساسية فيه مثل مفهوم النظر والعمل الفني، ومن ثم يقيم جدلاً بينهما حين يضيء دور النظر في التأسيس الأنطولوجي للعمل الفني، وما يترتب عن النظر عندما يصبح معرفةً وفكراً.

يتضمّن العمل ثلاثة فصول، هي: "ثقافة النظر في ثقافة الفكر الجمالي"، و"إنشائية المرئي بين الذات والعالم"، و"العمل الفني في "عالم الفن" بين النظر والنظرية".

من الأفكار التي يطرحها قويعة أن العمل الفني المعاصر ما عاد حكراً على عبقرية المبدع الأصلي، بل يستمد مقوّمات وجوده من عرضه أمام الجمهور، ما يجعل من النظر والمشاهَدة والمشاركة أفعالاً من صميم الاشتغال الإبداعي الذي يكُون العمل الفني من خلاله عملاً فنياً. فالجمهور كفَّ عن أن يكون متقبلاً عرضياً، بل يمكن اعتبار الناظر اليوم صانعاً للوحة هو الآخر.

يتطرّق الأكاديمي التونسي أيضاً إلى مفهوم الفن بين التسمية والنظرية، مدققاً في ثنائية الفكر والإحساس، وفي الفن بين التسمية والنظرية، وفي مسألة المقصدية والتأويل. كما يدرس دور النظر في التأسيس الأنطولوجي للعمل الفني وأصالة العمل الفني في "عالم الفن"، والوجود العلائقي والتاريخي للعمل الفني، والوجود الفعلي للعمل الفني.

يُذكر أن المؤلف يجمع بين المقاربتين الفلسفية والفنية، حيث أنه حاصل على الأستاذيّة في الفلسفة وعلى شهادة الدراسات المعمّقة في تاريخ الفن وعلى شهادة الدكتوراه في نظريّات الفن من جامعة تونس، وهو اليوم يشغل موقع أستاذ الجماليات ونظريات الفن في جامعة صفاقس. من مؤلفاته السابقة: "تشكيل الرؤية: تأملات في تجارب تشكيلية من تونس"، و"الخط العربي بين العبارة التشكيلية والمنظومات التواصلية"؛ و"بنية الذائقة وسلطة النموذج في ظاهرة الاقتناء الفني العربي".

المساهمون