قسطنطين زريق: سيرة لم يسعفها الوقت

04 يونيو 2017
(قسطنطين زريق)
+ الخط -

في الأشهر الأخيرة من حياته، كان المؤرخ السوري الراحل قسطنطين زريق (1909-2000) قد بدأ في كتابة سيرة حياته، وقد قسّمها إلى مراحل، فبدأ بالطفولة، ثم انتقل إلى الشباب، لكن توثيق مذكراته هذا انقطع مع رحيلة، وظلّ عملاً لم ينته منه صاحبه.

قبل أيام صدرت هذه السيرة في كتاب بعنوان "ذكريات... سيرة لم تكتمل" عن "مركز دراسات الوحدة العربية" في بيروت، وقد حرّرها الأكاديمي هشام نشابة الذي عرف زريق وكان قريباً منه في فترة السبعينيات، من خلال عملهما في "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" آنذاك.

يحكي زريق عن فترة طفولته، وعن دمشق حيث ولد في القيمرية؛ أحد أحيائها، ودرس في المدارس الأرثوذكسية فيها قبل أن ينتقل إلى الجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الرياضيات.

في بيروت، شعر زريق بأنه لا ينتمي إلى هذا التخصّص، فحوّل مجال دراسته إلى التاريخ، اللحظة التي غيّرت تاريخه الشخصي وربطته حتى رحيله بالدراسات التاريخية والتنقيبية والعمل الأكاديمي في جامعات عربية وعالمية من بينها؛ الأميركية في بيروت، وجامعات دمشق، وكولومبيا، وجورج تاون.

ويبدو أن التاريخ بالضرورة نقل دارسَه إلى العمل السياسي، فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح زريق ضمن فريق السلك الدبلوماسي السوري في واشنطن، وعمل عضواً مناوباً في مجلس الأمن لعامين.

كان زريق القومي العربي، مؤلّف "الكتاب الأحمر" الذّي كتبه في مطلع الثّلاثينات من القرن العشرين والذّي اعتُبر آنذاك ميثاقاً للقومية العربية، كما كان داعية متحمّساً لتيار العقلانية في الفكر العربي الحديث؛ فقد عايشت تجربة زريق مراحل التقلّبات السياسية من الاستعمار ومرحلة ما بعد الاستقلال والنكسات والانقلابات والهزائم؛ وكان متفاعلاً مع كل ذلك.

وضع المؤرخ السوري عدة مؤلّفات أساسية، من بينها؛ "الوعي القومي"، و"معنى النّكبة"، و"أيّ غدٍ!"، و"نحن والتّاريخ"، و"هذا العصر المُتفجّر"، و"في معركة الحضارة"، و"نحن والمُستقبل".

في سيرته الصادرة حديثاً، لم يسعفه الوقت ليتطرّق إلى مواقفه وآرائه، والكيفية التي تبلورت فيها عندما نضجت وعالجت القضايا الكبرى للأمة العربية.

يلفت نشابة إلى أن زريق لو كان قد أتمّ كتابة السيرة لكان خصّ القضية الفلسطينية بمعالجة متأنّية بعد سنوات من المتابعة اليومية لهذه القضية، وتوجيهٍ للباحثين فيها.

المساهمون