نيويورك ترى فن الطفل اليمني
يختتم اليوم المعرض التشكيلي اليمني "هل تراني؟" في نيويورك فعالياته، بعد أن احتضنه متحف بروكلين، وهو أوّل متحف في العالم أنشئ خصيصاً للأطفال. وقد نظم المعرض مؤسسة "قمرية الدولية للفنون"، برئاسة الفنانة التشكيلية اليمنية الشابة سحر حسن اللوذعي؛ لتلفت نظر العالم إلى معاناة أطفال اليمن وقصصهم من خلال ترجمتها في إطار لوحات وأعمال فنية وأدبية متنوعة، وتقول للعالم أجمع: هناك من يستحق الحياة كما يجب أن تكون عليه الحياة.. هناك في اليمن من يستحق السلام كما يجب أن يكون عليه السلام ..
يقوم اليمني بما لا تقوم به حكومته ودولته المتشظيّة، يحمل حبّها ووجعها أينما رحل، ويحضر بفنه وموهبته كأفضل سفير لها، فيلفت نظر العالم إليه بالنجاح والنضال والمقاومة؛ وهو ما يشكّل هوية اليمني الأصيل على مرّ العصور. وحينما يتحدث الفن ينصت العالم إليه، لا سيما إن حملت راية الفن امرأة.
لم يكن المعرض مجرد فعالية ضيّقة، نظمتها جالية عربية ليصفّق كلّ فرد منها لصديقه أو زميله، بل نُظّم المعرض بمهارة ورفعة، وبدأ رسمياً في الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين السابع عشر من يوليو/ تموز بحضور عمدة نيويورك إريك آدامز ، والسفير اليمني الأستاذ محمد الحضرمي، والقنصل الأستاذ علي عبادي، والفنان الأميركي آرتشي راند، والدكتورة ديبي المنتصر، أمن أعضاء جمعية التجار اليمنيين الأميركيين، والأستاذ المدير التنفيذي لمنظمة HRD (الإنسانية للإغاثة والتنمية) معين علي، وغيرهم من الشخصيات المرموقة التي حضرت المعرض وأشادت بما رأته فيه. وضمّ المعرض بين طياته 60 عملاً فنياً متنوّعاً، لثلاثين طفلاً ويافعاً يمنياً، تتراوح أعمارهم بين سبعة وتسعة عشر عاماً، من جميع المحافظات اليمنية، بما فيها جزيرة سقطرى، إضافة إلى طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
خُصّص هذا المعرض لفنون الشباب اليمنيين الذين عاشوا تجارب الحرب في فترة الطفولة، لأنهم يمثلون الشريحة الأكبر في اليمن، تلك التي ما زالت تعاني من آثار تلك الصراعات القاسية حتى اللحظة. ومن خلال هذا المنبر، ساهموا في إرسال رسائل إنسانية لإيصال أصواتهم الصامتة من خلال أعمالهم التي تعكس تجاربهم ومشاعرهم وتطلعاتهم للمستقبل.
معرض "هل تراني؟" إثبات لصمود وقدرة الشباب اليمني على تجاوز التحديات والتعبير عن أنفسهم من خلال الفن
معرض "هل تراني؟" يعدّ إثباتاً حيّاً لصمود وقدرة الشباب اليمني على تجاوز التحديات والتعبير عن أنفسهم من خلال الفن، وشملت المشاركات: رسم، تصوير، كاليغرافي (فن كتابة الحروف)، مشغولات يدوية وتصاميم، فن رقمي، فن التوازن، اختراعات باستخدام مواد معاد تصنيعها بالإضافة للخط العربي والأعمال الفنية المتنوعة والأزياء وصور محافظات اليمن التي عُرضت على الشاشة، وقد جرى تقديم البن اليمني وعناصر أخرى من الثقافة التي أضافت للزوّار تجربة فريدة تعكس الهوية اليمنية الغنية، وتعزّز التواصل الثقافي للشعب اليمني مع باقي العالم.
تقول الفنانة التشكيلية سحر اللوذعي، منظمة المعرض: "فنك جوازك"، وكلّ عمل فني يحمل قصة فريدة، تعكس تجارب وآمال ونضالات وأحلام الفنانين الصغار والشباب. وأكدت أنها تؤمن بأنّ كل طفل وشاب مشارك لديه موهبة وبحاجة للتشجيع من أجل أن يزهر. ومن خلال تحضيرها للمعرض، لمست الكثير من التغيير والشغف والحماس لدى المشاركين، وصرّحت بأنه "جرى بيع العديد من الأعمال، وسيجرى إرسال مبلغ 3000 دولار لدعم وتشجيع الفنانين، بالإضافة إلى ذلك، جرى التواصل مع إعلاميين من أجل عمل لقاءات صحافية معهم، وآمل أني قد تمكنت من منحهم بصيصاً من الأمل يساعدهم على التطلّع للمستقبل بتفاؤل وثقة". ثم وجهت اللوذعي رسالة من خلال هذا المعرض لأهمية التفات السفارات والملحقات الثقافية والمؤسسات والمسؤولين اليمنيين إلى مثل هذه الفعاليات بشكل كافٍ، وأن يعطوا هذه الشريحة الكثير من التشجيع والاهتمام من أجل أن يكون لديهم شيء يتطلعون إليه في المستقبل.
تُشرّدنا الحرب وتجمعنا الفنون، لنحتفل معًا بتلك الأرواح الإبداعية الفريدة ونفخر بالهوية اليمنية الزاهية. لقد صنع معرض "هل تراني؟" جسرًا يربط الثقافات ويعزّز الفهم المتبادل، ويقدّر الموهبة الفنية التي نشأت في ظروف صعبة، كما احتفى بالتنوّع الثقافي الغني في مدينة الفن نيويورك.