نور زهير يكشف المستور العراقي
أثار ظهور رجل الأعمال العراقي، المُتهم في قضيّة "سرقة القرن"، نور زهير، في مقابلةٍ تلفزيونيّةٍ، ضجّةً كبيرةً في الأوساط العراقية. وهذه القضيّة تتعلّق بسرقة مبلغ يصل إلى 2.5 مليار دولار من أموال الأمانات الضريبيّة، في قضيّةٍ اعتُبِرَت واحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ العراق. ونور زهير هذا كان يدير شركة "المبدعون" للخدمات النفطيّة، واستخدم منصّته الإعلامية لنفي جميع التُهم الموجّهة إليه، مؤكّدًا أنّ الادعاءات "كذبة مائة في المائة".
في هذه المقابلة، ركّز نور زهير على تبرئةِ نفسه من التُهم، مدعيًا أنّ الأموال التي يُتهم بسرقتها ليست أموال الدولة بل تخصّ شركات خاصة، وأنّه لم يرتكب أيّ جرم. كما أعرب عن استعداده لكشف جميع المتورّطين في القضيّة، مشيرًا إلى أنّه يمتلك معلومات حاسمة يمكن أن تُطيح بشخصيّاتٍ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ نافذة. هذا التصريح يشكّل تهديدًا مباشرًا للعديد من الأسماء الكبيرة في الساحة السياسية، حيث إنّ تورّطهم في مثل هذه القضيّة قد يعرّضهم للمُساءلة، وربّما الإطاحة بهم.
كما أضاف في حديثه أنّه لم يتلق معاملة عادلة منذ بداية القضيّة، مشيرًا إلى وجودِ ضغوطٍ سياسيّةٍ وقضائيّةٍ كبيرة تُحاول التلاعب بمسار العدالة. هذه الادّعاءات أثارت تساؤلات حول نزاهة التحقيقات الجارية، وفتحت الباب أمام تكهناتٍ بأنّ هناك أطرافًا تسعى للتستّر على المتورّطين الحقيقيين في القضيّة.
وإذا تمّ الكشف عن الأدلة التي يزعم نور زهير امتلاكها، فقد تكون لذلك تداعيات خطيرة على المشهد السياسي العراقي. ومنها:
أولًا، من المرجّح أن يؤدّي ذلك إلى زعزعةِ استقرار الحكومة الحالية، حيث قد تجد شخصيّات بارزة نفسها في موقفٍ دفاعي، وربّما تُواجه اتهامات بالفساد والتواطؤ في سرقة أموال الدولة. هذا الأمر يمكن أن يقود إلى أزمةٍ سياسيّةٍ داخليّةٍ، قد تشمل محاكمات وتغييرات جذرية في المناصب الحكوميّة.
قد تجد شخصيات بارزة نفسها في موقفٍ دفاعي، وربّما تُواجه اتهامات بالفساد والتواطؤ في سرقة أموال الدولة
ثانيًا، يمكن أن يؤدّي الكشف عن هذه الأدلة إلى تعزيز الغضب الشعبي ضدَّ الطبقة السياسية. فالعراقيون، الذين يعانون بالفعل من مشكلاتٍ اقتصاديّةٍ وأمنيّةٍ عديدة، قد يرون في هذه القضيّة دليلًا آخر على فساد النخبة الحاكمة وعدم اكتراثها بمصالح الشعب. هذا الغضب قد يتحوّل إلى احتجاجاتٍ واسعة النطاق، خاصة في ظلّ تصاعد المطالب بالإصلاح ومكافحة الفساد في السنوات الأخيرة.
ثالثًا، قد تُفسح هذه الأقوال المجال لتدخلاتٍ خارجيّة. فالقوى الإقليميّة والدوليّة التي لديها مصالح في العراق، قد تسعى لاستغلال الوضع لتحقيق أهدافها. وقد يؤدّي ذلك إلى تعقيد الوضع السياسي في العراق بشكلٍ أكبر، وربّما يؤثّر على العلاقات بين العراق والدول المجاورة أو الأطراف الدوليّة الفاعلة في المنطقة.
إذا ما تمّ التعامل مع القضيّة بشفافيّةٍ وفعاليّةٍ، قد تكون هذه فرصة للعراق لتصحيح مسار الحكم وتعزيز الديمقراطية
على المدى الطويل، يمكن أن تؤدّي هذه الأزمة إلى إعادةِ تشكيل الخريطة السياسية في العراق. قد تشهد البلاد ظهور حركاتٍ سياسيّةٍ جديدة تسعى إلى استثمار هذه الفضيحة لتعزيز موقفها على حساب النخب التقليدية. كما قد يترتّب على ذلك تغييرات في النظام القضائي وتعزيز دور المؤسّسات الرقابيّة لمكافحة الفساد. وإذا ما جرى التعامل مع القضيّة بشفافيّةٍ وفعاليّةٍ، قد تكون هذه فرصة للعراق لتصحيح مسار الحكم وتعزيز الديمقراطية.
في نهايةِ المطاف، سيظلّ تأثير هذه القضيّة مرهونًا بمدى قدرة النظام القضائي العراقي على التعامل معها بحياديّة، ومدى استجابة الطبقة السياسية لضغوط الشارع. وفي حال فشل النظام في تحقيق العدالة، قد يؤدّي ذلك إلى تفاقم الأزمة السياسيّة والاجتماعيّة في البلاد، وربّما يفتح الباب أمام فصولٍ جديدة من عدم الاستقرار.