لبنان... انقسام في الخُماسية وقطر محور المرحلة!
عشية الذكرى السنوية للشغور الرئاسي، يقف الملف الرئاسي أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا الاستمرار بالتعطيل والمناكفات السياسية وإطالة أمد الفراغ، وبالتالي الذهاب بالبلد نحو المجهول الشامل، وإمّا اغتنام الفرصة الإيجابية والذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية يناسب الفترة التي يمرّ بها لبنان.
في الحقيقة، ووفق المؤشرات المتوافرة، يبدو أنّ أفق الحلول مسدود داخلياً وخارجياً، بالرغم من الحركة الناشطة باتجاه الملف على الصعيدين، خاصة في ظل تبخّر الآمال التي كانت معوّلة على دور الدول الخمس المشاركة في اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، والمؤلفة من فرنسا، أميركا، قطر، السعودية ومصر.
عملياً، لم يأت الاجتماع على قدر آمال اللبنانيين ورهانهم على نتائجه للدفع في اتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ويبدو أنّ عدوى الانقسام والمراوغة انتقلت من الداخل اللبناني إلى أروقة الاجتماعات الخارجية. وقد بدا ذلك جليّاً خلال اجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، فبعد الحديث عن خلاف أميركي فرنسي حول الملف الرئاسي اللبناني، وتوجه أميركي سعودي قطري للذهاب إلى خيار وصول قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة، مقابل رفض فرنسي وصمت مصري حيال الطرح، حال دون صدور بيان واضح وحاسم كالذي صدر عن اللجنة إثر اجتماعها الأخير في الدوحة.
وقد بدا واضحاً الامتعاض الأميركي من المراوغة الفرنسية حيال الملف، وعدم قدرتها على توحيد الموقف اللبناني، أو أقلّه إقناعهم في إجراء جلسات حوارية أو نقاشية، وأبدت ممثلة الولايات المتحدة الأميركية ملاحظات حول التعاطي الفرنسي، وطالبت بوضع مهلة زمنية لتحرّك الموفد، جان إيف لودريان، الذي يستعد لزيارة رابعة إلى العاصمة اللبنانية بيروت في الأيام المقبلة. ونُقل عن مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف قولها لمديرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية آن غيغان "يفترض تحديد وقت للمبادرة الفرنسية، ولا يمكن أن تستمر لفترة زمنية طويلة، ويجب اتخاذ إجراءات في حق المعرقلين".
ستكون قطر اللاعب الأكبر في هذه المعركة، ومحور المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة
وبالتزامن مع ذلك، أتت زيارة الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني إلى لبنان لاستكمال مبادرة الدوحة لإنهاء الشغور الرئاسي، وتردّدت المعلومات أنّ جاسم آل ثاني يحمل في جعبته عدداً من الأسماء إلى جانب اسم قائد الجيش جوزيف عون، من أبرزها النائب نعمت إفرام، والذي جدّد تحرّكاته في الأيام الأخيرة التي سبقت الزيارة. والجدير بالذكر هنا أنّ قطر تسعى للوصول إلى مرشح توافقي بين القوى السياسية لإخراج لبنان من النفق المظلم بأقل كلفة ممكنة. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الاتفاق المنتظر سيكون عبارة عن سلّة متكاملة من رئاسة الجمهورية، مروراً بالحكومة وشكلها، وصولاً إلى الإصلاحات وغيرها، وقد تشمل كلّ القوى السياسية المتمثّلة في البرلمان وفق حجم تمثيلها وتأثيرها في البلد.
إذاً، يبدو أنّ اجتماع النصف ساعة وضع حدّاً للدور الفرنسي والمبادرة التي استنفدت مدّة صلاحيتها من دون التوّصل إلى خيوط حلّ للأزمة اللبنانية، والأجواء تشير إلى أنّ الموفد القطري سيرث دور الموفد الفرنسي الذي سيبدأ بالانحسار تدريجياً في هذا الملف بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي ستكون قطر اللاعب الأكبر في هذه المعركة ومحور المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة.