قلم أزرق: دفاعاً عن حِرفة الأستاذ

04 ديسمبر 2023
+ الخط -

استهلالٌ ذهبيٌ

أعي جيداً أنني أكتب هنا عن الأستاذ بقلم الصفر اللانهائي بعد الواحد، مدركاً بعنفوانٍ شديد أنني لست هنا لأحجز المفاهيم ولا المصطلحات، إنما إيماناً مني بأننا نحن أبناء القلم الأزرق المترعرعين بين الكتب ورائحة أوراقها المجيدة، الصِّبية الذين جلسوا بيومياتهم الصحوة ومسائيتهم المثقلة بأحلام كثيرة جداً، على مقاعد خشبية وتصطك أسنانهم معلنةً تحالفاً كبيراً ضد مستقبل مجهول ومضبّب بضباب الأرياف الغاضبة، وبالكاد تصل أرجلهم لترسو على رصيف الحجرة الدراسية؛ نذيرُ شؤم ربما.. فالأطفال والفتيان يحسّون أحاسيس حقيقية قُطفت للتو من الجنة.

ألم تُخبر تلك البومة الجميلة، بوزرتها البيضاء النظيفة بعناية الطُّهاة المَهرة، وزيراً (يحمل حقيبة مطلية بِشَارة أغنية عهد الأصدقاء! لا لا لا.. إنها شارة التربية والتعليم مقلوبةً، وذات دازاين سيئ جداً، حينما كنت في الثانوية أصمم أحسن الهويات البصرية، أستلهمها من شعارات الولايات المتحدة الأميركية التي تبدو قوية ومكثفة بشكلٍ خرافي)، في ساحة الكلية ذات مساء صافٍ بأن أرض هذا الوطن مطلية بخرسانة رقم 10.

غوصٌ في روح القلم الأزرق

أيادٍ بيضاء وسمراء تكتب باللون الأزرق، تُزخرف به في لحظات سهوٍ.. تقصفُ به في اللحظات الحاسمة، فاتحةً سماء الفكر بذات اللون المقدس، القلم الأزرق يطلي كل شيء، دفاعاً عن المعرفة، وتحصيناً للعقول النابهة التي تسكن دائماً الأحواز الغاضبة.

حقائبُ من دون لون، مقلمات رمادية، ومزواة على قائمة التسعين، قلم رصاص يتجدد باستمرار، وممحاة تُنهي نفسها دون أن تَجرؤ على مسح أثر الطفولة المقموعة.

أحذية حزينة جداً، وشتاء قروي لا يريد أن ينتهي، وقُلنسوة الدّببة القطبية دون ثلج أبيض على ريشها الناعم.

تحول مهيب

من مُتعلم إلى مُعلم، هكذا تحركت آلة الحياة العملاقة، ومن قلم أزرق إلى قلم أحمر، هكذا تُريد الطبيعة وأقدارها، هذا الأحمر الثوري، لون الدّم والعِرق والقبيلة، والنخوة والأنفة والحب...

اشتعل القلم الأزرق مرة أخرى مجابهاً كل القوى، محللاً للمعطيات، قالباً للسكون.. ومشككاً في البلد الحزين، ومسخاً إلى قوس ينطلق لفك الحقيقة من أسرها الأزلي.

كلمة أخيرة

لا خاتمة أبداً، كلّ المعطيات هي تركيبٌ وفتحٌ لآفاق أكثر ثورية، فلتصدقوا معي أيها السادة والسيدات القارئون، إذا قلت لكم إنني أكتب هذه الكلمات بعفوية من دون حتى تفكير مجهد، وبإمكاني أن أحول المعنى إلى اتجاه أكثر واقعية لكننا نعي معاً، أن للأدب أيضاً موقفه الثابت في وقت الأزمات وفي وقت رص الصفوف.