على المشنقة
مع اللحظات الأولى لأحداث السابع من أكتوبر على حدود غزة، برز إلحاح وسائل الإعلام الغربية ومن بينهم المذيع البريطاني بيرس مورغان، أن من بين قتلى الهجوم على يد المقاومة "ناجين من الهولوكوست".
استدعاء السردية وما يعنيه من دغدغة عواطف العالم، وتذكيره بأن معركة السابع من أكتوبر هي الأسوأ منذ المحرقة النازية، لم يستوقفني كثيرا، بقدر ما استوقفني قدرة الإسرائيليين على التباس ثوب الضحية، لا لاكتساب تعاطف لديهم من الرصيد ما يكفي، بل لتمرير مذابح هم مصممون عليها من اليوم الأول، مجازر ترجمتها آلاف الضحايا بين قتيل وجريح.
برز الحديث عن الرد المناسب للموقف، ذلك الرد الذي قال عرَضا عنه أحد الداعمين لحق إسرائيل "في الرد"، أن ينطلق آلاف الإسرائيليين ليعيثوا في غزة قتلا وحرقا واغتصابا، و"هو ما لا يريده عاقل"! انتهى الاقتباس، وما زالت الكلمة عصية على التأويل.
الهولوكوست حضرت بكثافة في خطابات القادة الإسرائيليين، محاولة لإضفاء مظلومية على الحدث، وتحميل العرب والفلسطينيين عقدة ذنب نأت بها أكتاف الأوروبيين.
استدعاء سردية "الهولوكوست" استجلب مشهدين حاضر وسحيق..
الهولوكوست حضرت بكثافة في خطابات القادة الإسرائيليين، محاولة لإضفاء مظلومية على الحدث، وتحميل العرب والفلسطينيين عقدة ذنب نأت بها أكتاف الأوروبيين
في محرقات النازية، كان الجنود يتعمدون شنق طفل أمام المعتقلين..
عملية إعدام علنية بطيئة، والعهدة على إيلي فيزيل، راوي الشهادة، أحد الناجين من الهولوكوست. ليتحول موت الصبي بتفاصيله، مشاهد تردع كل من يفكر في التمرد داخل معسكر الاحتجاز، أو حتى التمسك بالإيمان أن هناك نهاية لتلك الحكاية.
"ورائي، سمعت رجلا يسأل: "أين الله الآن؟" صوت بداخلي أجابه: "إنه معلق هنا على هذه المشنقة".
وإلى الحاضر، رجل فلسطيني غزي، فقد من أسرته وأهله ما يفت عضده، يؤثر في العالم العربي على الأقل، بكلماته "متبكيش يا زلمة".. وغيره الكثير من أهالي القطاع المحاصر، فقدوا أهليهم وذويهم وجل أسرهم، لا يدّعون بطولة زائفة، ولا صمودا مطلقا... يبكون.. يرثون حالهم، غير أن في داخلهم أصواتا تؤكد بيقين أن هذا الظلم سيمضي.