سانتا ووفود التسامح والسلام

04 يناير 2021
+ الخط -

بابا نويل أو "سانتا كلوز" ، شخصيّة خياليّة ارتبطت بأعياد بداية العام الجديد عند إخوتنا المسيحيين. رجلٌ عجوزٌ سعيدٌ دائمًا، وسمين جدًا غالبًا، وضحوك يرتدي سترةً يطغى عليها اللون الأحمر وبأطراف بيضاء وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، يحمل معه كيسًا مليئًا بالهدايا؛ لينشر الحبّ والسلام والتسامح ما بين الأديان.

يتشاركُ جميعُ معتنقي الأديان السّماوية بالفرح والبهجة عند رؤيته؛ لأنه جاءَ برسالة سلام تُجمّع لا تفرّق، تجعل الشعوب أقرب لبعضها البعض، لذا فنحن كمسلمين نفرحُ بمشاركتنا لإخوتنا المسحيين في أعيادهم لما جاء في القران الكريم من تسامح، ولما أوصانا به نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) أنّ أنبياء الله إخوة، نشاركهم في إضاءة شجرة الميلاد تحت سماء مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح، ونصلي سويًّا في مدينة القدس؛ ليعم السلام والتسامح العالم أجمع.

هذا العام انتظرت سانتا؛ ولم أقص عليه كيف فرقت تلك الجائحة جموع المصلين بمختلف الأديان أن يجتمعوا للصلاة، وأداء شعائرهم وطقوسهم الدينيّة كلٌ حسب ما علمه إيّاه دينه، ولن أخبره عن أطفال انتقلوا للسماوات العلا وهم يحلمون أن  يَرَوا السلام يعم العالم، ولن أزوده بعدد الآباء والأمّهات والأطفال المتزايد داخل المعتقلات.

سوف أطلب منه أن يخبرهم إن أرادوا تعزيز قيم التّسامح فعلًا فهذا يبدأ بحقّ الطّفل الفلسطينيّ بالحياة، وحقّ المجتمع الفلسطيني بالتّحرر كباقي الشعوب

سأطلب من سانتا فقط أن يقوم بزيارة لبعض الأشقاء في الدول التي أبرمت اتفاقيات سلام،  وأرسلت وفودًا في الآونه الأخيرة إلى هذه النقطة من العالم حاملاً معه "التاريخ" والصّور وأغصان الزّيتون التي ترمز للأمل والحبّ والتسامح والسلام لمختلف الأديان، ليخبر هذه الوفود أنّ هناك مجتمعات مختلفة تجمعها بعض المعتقدات، يعيشون بجوار بعضهم البعض، يسعون سويًا لعمارة هذه الأرض، يحترمون معتقدات بعضهم الدينية رغم وجود بعض التحفظات في أغلبها تاريخية عند كل طرف، سوف أضع في كيسه بعض الصور التي التقطت داخل أسوار مدينة القدس ليشاهدوا كيف أن حجارة هذه المدينة تجمعهم منذ عصور!.

سوف أطلب منه أن يقدم رسالة لمن أراد السلام أن مدخل التسامح والسلام يكون عبر بوابات مدينة القدس وليس عبرَ مكانٍ آخر، وأن التسامح المطلوب بين المجتمعات المختلفة في أديانها ومعتقداتها يجب أن يكلّله الاحترام المتبادل، لا أن يفرّق جمع هذه "المجتمعات" جدار الفصل العنصري ونقاط التفتيش وصوت الرصاص ورائحة الغاز، سوف أطلب منه أن يخبرهم إن أرادوا تعزيز قيم التسامح فعلًا فهذا يبدأ بحقّ الطّفل الفلسطينيّ بالحياة، وحقّ المجتمع الفلسطيني بالتّحرر كباقي الشعوب.

لذا؛ نرحب بهم في أيّ وقت بلباسهم العربيّ الأصيل، ونرحب بدعاة التسامح والسلام من العالم أجمع في أي وقت لكن عبر بوابة مدينة السلام، نرحب بهم جسورَ سلامٍ بشريّة تزيل جدار الفصل العنصري، وتزيل حواجز الإهانة والتنكيل التي تحرم طلاب المدارس والأمهات والعائلات ومعتنقي الأديان من الاجتماع، ونرحب بهم ليزيلوا القضبان ما بين الطفل وأمه وأباه، نرحب بهم ليستبدلوا كلّ رصاصة تفرق بشجرة زيتون يُستظلّ بظلها، ويستبدلون رائحة الغاز السام برائحة الورود، نرحبّ بهم في أرض السلام والتسامح من أجل إعلاء كلمة الحق والإنسانية والعدالة.