جدعنة العم ربيع وخيانة "المكسيكي"

23 فبراير 2024
+ الخط -

في وقت كان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، يتودّد ويتسوّل نيل رضا وزيرة خارجية إسرائيل السابقة، تسيبي ليفني، في مؤتمر الأمن في ميونخ، كاشفًا وجه نظامه الحقيقي المحترف للتلوّن؛ كان هناك مشهد آخر يغسل العار ويفضح الفارق الشاسع بين موقف الشعب المصري النبيل الأصيل، وبين من يحكم قبضته على المحروسة، وينكّل بأهلها تحت مسمّيات متعدّدة.

نعم على ناصية إحدى طرق محافظة الجيزة، كان العم ربيع أبو حسن، يرمي بضع حبّات البرتقال على ظهر الشاحنات المتجهة نحو قطاع غزّة الصامد ليجتاح مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديو لا تتجاوز مدته ثواني معدودة، وحوّل ابن "بني سويف" إلى بطلٍ قومي تتنافس المحطات في استضافته، ويلهم رسامي الكاريكاتير لتوثيق خطوته و"جدعنته"، وهو الذي يكسب قوت يومه من خلال تلك الحبّات.

كانت تلك خطوة عفوية وتلقائية من مواطن مصري بسيط لم يقو على رؤية الشاحنات، وهي في طريقها نحو غزّة التي تسكن القلوب والوجدان؛ حيث تناسى العم ربيع كلّ ما يثقل كاهله من هموم وانخرط دون حسابات في أداء ما يعتبره واجبًا مفروضًا عليه دون أن يدور في خلده أنّ حبّات البرتقال هذه ستحمل على عاتقها مهمة أكبر وأعقد، بأن تمحو زلات ومكائد جهات أكبر تنكّل باسم بلد عريق بحجم مصر.

لا بدّ من الوقوف عند نقطة مهمة للغاية تتجلّى في "مصداقية" هذا الوسيط المصري في المفاوضات الجارية، طالما أنه يكنّ كلّ هذه الأحقاد تجاه المقاومة

 

تحضرني كلمات للكبير، محمد الماغوط، تختصر هذه المفارقة، إذ كتب يومًا: "جربوا الحرية يوماً واحداً لتروا كم هي شعوبكم كبيرة وكم هي إسرائيل صغيرة". حقًا، ثمّة هوّة سحيقة بين تمسّك وتشبّث الشعب بالقضية الفلسطينية والتماهي المطلق مع خيار المقاومة وبين الانغماس المخزي للسلطة التي لا تتوانى عن خدمة أجندة العدو الصهيوني، نهارًا جهارًا؛ والدليل ما نطق به الرئيس الأميركي، جو بايدن، بمنتهى الوضوح عن دور من أسماه الرئيس "المكسيكي" في رفض فتح معبر رفح.

هنا نربط بين فضح الرئيس الأميركي واعتراف سامح شكري الذي لا يدع مجالًا للشك حول ما يضمره هذا النظام من عداء صارخ لمن يحمل لواء الذود عن فلسطين وأقدس مقدّسات المسلمين، ليميط اللثام عن كلّ تلك المسرحيات ودموع التماسيح التي نراها في المؤتمرات الصحافية للرئيس "المكسيكي". وفوق هذا وذاك، لا بدّ من الوقوف عند نقطة مهمة للغاية تتجلّى في "مصداقية" هذا الوسيط المصري في المفاوضات الجارية، طالما أنه يكن كلّ هذه الأحقاد تجاه المقاومة. فهل يمكن الوثوق به والحال هذا؟

المؤكد أنّ اكتشاف حقيقة النظام المصري ليس بمثابة المفاجأة المدوّية سوى للقلّة القليلة التي ما زالت تصدّق "بكائيات" رئيسه؛ وليست عملية طوفان الأقصى سوى مجرّد فصل من فصول إثبات تورطه الفاضح مع العدو الصهيوني في النيل من قطاع غزّة الصامد والتنكيل بأهله، بالإضافة إلى ملفات أخرى لا تعدّ ولا تحصى حول خيانته التي تزكم رائحتها الأنوف.

لكننا، ووسط قتامة المشهد نركز على النور المنبعث من بعيد مجسّدًا في شخصية "العم ربيع" والملايين من أمثاله، لأنّهم الأمل الساطع الذي سينير المحروسة، ويمتد ليصل إلى قطاع غزّة، وكلّ تراب فلسطين وهي تعانق الحرية وتلمّ الشمل وتلفظ الخونة، وكلّ من يدور في فلكهم.