ملف: ثقافة الكراهية عربياً.. ماذا عن عنصريتنا؟

25 مايو 2023
+ الخط -

طالما بدت العنصرية بالنسبة إلينا مرضاً غربياً لا مكان لها عربياً (أو هكذا كنّا نتوهم عن أنفسنا وذواتنا على الأقل)، حيث لم يسبق أن كانت العنصرية محتوى لخطاب سياسي في العالم العربي، إلى أن جاء الرئيس التونسي قيس سعيّد، (المنتخب ديمقراطياً)، وتفوّه بما تفوّه به من كلام ضد اللاجئين الأفارقة في بلاده، محمّلاً إياهم مسؤولية "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلاً عن أنها مجرّمة قانوناً"، وصولاً إلى "ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس" من أجل "توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء"، لنصبح، ربما، أمام أول "خطاب كراهية" (كما وصفته مؤسسات حقوقية عديدة) يصدر عن رئيس دولة عربية، بهدف الاستخدام السياسي المباشر للتغطية على فشله في إدارة الدولة، الذي تحوّل إلى ممارسة في الشارع ضد لاجئين عزّل هاربين من الجوع والفقر والدمار، بحثاً عن حياة أفضل.

وإذا كان لبنان قد نال "السبق" في مسألة كهذه، إلا أنه يأتي في إطار الانقسامات اللبنانية والبنية المعقدة والمتشابكة، فيما يأتي خطاب الرئيس التونسي ليضعنا، ربما، أمام أول ممارسة سياسية تأخذ من الغرب والآخر (هذا إذا افترضنا أنها أخذته من الغرب، وقد يكون لا) بعض ما عنده، في إشارة إلى أحزاب سياسية غربية (وغيرها/ تركيا نموذجاً الآن أيضاً) تجعل من معاداة الأجانب واللاجئين أحد أهم بنود برامجها الانتخابية، بكلّ ما يحمله هذا الخطاب من عنصرية، وبكلّ ما يشيعه من ثقافة كراهية تنتشر في المجتمعات، متحوّلة إلى ممارسات، تتجلّى في الاعتداء (الذي يصل إلى حدود القتل أحياناً) على لاجئين عزّل وأبرياء.

وإذا كانت دولة القانون والديمقراطية الممارسة في العديد من دول الغرب تضع حدّاً لهذه الممارسات وتضبطها تحت سلطة القانون والقضاء؛ فإنّ غياب الأخيرين عن دولنا العربية يضع الضحايا في موقف لا يحسدون عليه أبداً، حيث إنّ الذين من المفترض أن يؤمنوا الحماية يمارسون الانتهاك، بل ويؤمنون الحماية لمن يمارس هذا الانتهاك أحياناً، ولعلّ ما جرى في الشوارع التونسية بعد خطاب قيس سعيّد من جهة، ويجري حالياً في لبنان ضد اللاجئين السوريين من جهة ثانية، وما يعيشه اللاجئون والأجانب من قلق وخوف من الترحيل في تركيا اليوم على خلفية الانتخابات التركية، خير مثال عن ذلك.

وإذا أمعنا النظر جيداً في السجال الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي حول مسلسل "الملكة كليوباترا" الذي أنتجته منصة نتفليكس، فسنضع يدنا، بشكل ملموس، على نماذج واضحة من ثقافة العنصرية إن صح التعبير، بما يشير إلى العنصرية الكامنة في الوعي العربي، وفي أغلب الأحيان، لا تبدو تلك العنصرية واضحة لمن يمارسها، أي قد نكون أمام عنصرية كامنة غير مُوعى بها، يمارسها المرء دون أن ينتبه لنفسه، ولكنها تشكل في نهاية المطاف جزءاً من ثقافة الكراهية ضد الآخر الذي قد يحمل ديناً أو طائفةً، أو جنساً، أو طبقةً، أو جنسيةً، أو قومية أخرى، ما يجعلنا أمام أسئلة متشابكة ومركبة، نحاول أن نسألها ونجيب عن بعضها في هذا الملف الذي يقارب مسألة العنصرية عربياً، بحثاً عن تفكيك "ثقافتها" وممارساتها من جهة، ولوضعها أمام دائرة الضوء من جهة ثانية، في محاولة لعدم التطبيع مع تلك الثقافة والممارسات وفضحها على الملأ، ومنع تحوّلها إلى ممارسة سياسية تسمّم الحياة السياسية العربية المسمّمة أصلاً بسموم الاستبداد وغيره أيضاً.

وعليه، نطرح في ملفنا الثاني في مدونات "العربي الجديد" عدداً من النقاط للاستهداء بها وتحفيز النقاش بشأن موضوعنا، دون الاكتفاء بها، إذ يمكن للمشاركين والمشاركات إضافة كلّ ما يرونه مناسباً للحديث عنه في هذا الشأن.

أولاً: هل نحن عنصريون دون أن ندري أحياناً؟ ليتأمل كلّ منّا في أفكاره ورؤاه عن الآخرين، تلك الأفكار التي تلقاها من محيطه ودائرته ومجتمعه، وليعيد التفكير بها، بل وليجعل من نفسه محورها، أي بدل أن يكون الآخر موضوعها، لتكن الذات موضوعها، فهل نقبلها؟

ثانياً: في الغرب، ثمّة أحزاب اليمين التي تجعل من معاداة اللاجئين والمهاجرين أيديولوجيا لها، هل يمكن أن تتشكل في بلادنا أحزاب يمين عربية؟ تجعل من معاداة اللاجئين جزءاً من برنامجها الانتخابي؟ وهل في أيديولوجيا الأحزاب العربية القائمة ما يشير إلى تلك العنصرية ضد الآخر؟ هل توجد أحزاب يمين عربية؟ أيّة أيديولوجيا تحملها تجاه الآخر؟

ثالثاً: ما مدى حضور القوانين التي تجرّم العنصرية أو ثقافة الكراهية أو التمييز على أساس اللون أو العرق أو الدين.. في القوانين العربية؟ وما أسباب غيابها إن كانت غير موجودة؟

رابعاً: من أين تستمد العنصرية وثقافة الكراهية خطابهما ومفرداتهما؟ من أين تتغذّيان؟ من الثقافة المجتمعية أم من الخطاب السياسي الساعي لاستخدامهما أيديولوجيا تسعى لحرف أنظار الجماهير، بعيداً نحو همومها الحقيقية في الحرية والكرامة والعيش الكريم؟

خامساً: أيّة مكانة يحتلها سود البشرة والملوّنون وذوو الاحتياجات الخاصة والنساء والأطفال واللاجئون والمثليون في ثقافتنا؟ وماذا عن تراثنا العربي قديماً، وسردياتنا المكتوبة حديثاً (مسرح، رواية، تلفزيون...)، وأيضاً لغتنا الشفوية اليومية، ومخيالنا الجمعي، كيف يحضر الآخر المختلف عنّا بها؟

سادساً: كيف تُمكن محاربة العنصرية والتوعية بشأنها؟ خصوصاً تلك التي يمارسها المرء دون وعي بها أحياناً، سواء في الممارسة اليومية أو الخطاب. أي دور للمجتمعين المدني والأهلي في هذا الشأن؟ وكيف تُمكن مقاومة محاولات السياسيين استخدام ثقافة الكراهية والعنصرية لضرب مكوّنات المجتمع ببعضها والهرب مما فشلوا في تحقيقه؟

سابعاً: يمكن لمن كان ضحية العنصرية أو لمن مارسها دون أن يكون يعرف أنه مارسها قبل أن يتخلّى عنها، أن يشاركنا تجربته أيضاً للاستضاءة بها، ولمساعدة الآخرين على التحرّر منها والوعي بها، لأن الوعي بوجود الخطأ أوّل خطوة في طريق القطع معه ونبذه وعدم ممارسته.

شروط المشاركة في ملفات مدوّنات "العربي الجديد":

  • أن يكون النص مراعياً لتقاليد الكتابة وصالحاً للنشر لغوياً ونحوياً، وسلاسة أفكاره، وأن يكون مخصّصاً لـ"العربي الجديد" وغير منشور أو مرسل لجهات أخرى في الوقت ذاته، وأن يراوح بين 500 و800 كلمة.
  • أن يتمحور حول واحدة من الأفكار المطروحة في الملف أو أكثر.
  • يوضع النص ضمن ملف وورد ويرسل إلى العنوان التالي، على أن يكون بجانبه اسم الكاتب، ويعنون الملف من الخارج باسم ملف المدوّنات، وبعده عنوان النص، وأن تُرسل مع النصّ وبشكل مستقل صورة للكاتب، وتعريف عنه، مع روابط حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، لإنشاء مدونة له على صفحات "العربي الجديد" إن كان يراسل الصحيفة لأوّل مرة.
  • هناك مكافأة متواضعة لأفضل خمسة نصوص من كلّ ملف.
  • النصوص المنشورة ملك للصحيفة، ويحق للكتّاب بعد نشرها على صفحات "العربي الجديد" نشرها في أماكن أخرى، بشرط الإشارة إلى مصدر نشرها الأول، أي "العربي الجديد".
  • مراعاة شروط التدوين في "العربي الجديد" (انقر هنا للاطلاع).
مدونات
مدونات العربي الجديد
مدونات العربي الجديد