تشافي لا يملك تشافي!
لا أحد يُنكر أنّ نجاح نادي برشلونة الإسباني المُبهر في بدايةِ العقدِ الأول من هذه الألفية لا مثيل له، إلى درجةٍ يُمكن القول معها إنّ إنجازات النادي في هذه الفترة كانت أشبه بالكمالِ الكروي. لكن يبدو أنّ بعض الأفراد بمحيط النادي العريق، لا يزالون عند هذه الحِقبة، فهم يواصلون البحث عنها وإن أصبح بحثهم سراباً، ولم يقتنعوا حتى الآن أنّه زمان وقد ولَّى. وهم أيضًا، لا يريدون أن يؤمنوا بأنّ طريقة لعب الفريق الحالية، يجب أن تتناسب مع الإمكانات الفردية والتدريبية للعناصر الموجودة حالياً، وشتّان ما بين هذه وتلك.
إدارة برشلونة التي تحاول أن تُعيد فكرة نجاح حِقبة غوارديولا العظيمة، كان لا بدَّ لها من أن تعرف أنّ المدرّب الحالي، تشافي هرنانديز، بعيد كلّ البُعد عن المقارنة مع غوارديولا. ويبدو أنّ تشافي نفسه قد نَسَي أنّه تشافي، وكيف تُلعب كرة القدم. وتكرار تجربة غوارديولا مستحيلة لأنّه كان يملك تشافي أولاً، ثم ميسي وإنيستا وبوسكيتس وألفيس وبويول.. إلخ، كلّ مركز، كان يلعب به أكثر من لاعب سوبر وليس لاعباً عادياً، وجودة ذاك الجيل صنعت الفارق ليس كالحالي، لذا تشافي "المدرب" لا يملك تشافي، ولا يملك لاعب سوبر.
تشافي أتى لبرشلونة من واقع حبّه الكبير للنادي، وهذا لا شكّ فيه البتة، بل يتجسّد في تصرّفاته وتصريحاتها وقرارته، وحتى انفعالاته. لكن إن قُلنا إنّ الأخطاء حكمت على فشل تجربته، فإنّه لا يمكننا أن نفلت من حقيقة أنّ عملية اختياره كانت سيئة جداً.
تشافي بعيد كلّ البُعد عن المقارنة مع غوارديولا
لقد أخطأت إدارة برشلونة الاستعجال في جلب تشافي، لأنّ تجربته في قطر لم تفيده في مسيرته التدريبية كثيراً، لأنّها كانت البداية وأوّل الطريق، ولم تُصقل خبرته حتى يقطع طريق الجولات التعليمية الذي قطعها قبله زيدان وميكيل أرتيتا وتشابي ألونسو، ومن سبقه من أساطير اللعبة القدامى. هو ليس سيئاً أبداً، لكن كان يحتاج لنفس تجربة راؤول غونزاليس، من الأشبال إلى الفريق B مادون الـ20، وهكذا تزداد الخبرة لديه تباعاً، لكن لم يُمر بكلِّ هذه المراحل، فوقع ضحيةً لإدارةٍ أنانية جداً، وضحيةً للصحافة التي "أكلته، وهو حيّاً"، وأحرقت ورقته باكراً.
تشافي جاء إلى برشلونة في أسوأ فترات النادي تاريخياً، لم يأخذ راحته، أو يجد مساحةً للإبداع والابتكار بسبب ظروف النادي؛ وهو مطالب دائماً بتحقيق كلّ شيء، وجلب إيرادات بدون أدنى صرف. وقد قالها غوارديولا من قبل بأنّ الضغط في برشلونة أصعب من أيّ مكان آخر في العالم، وهذه الضغوطات لأسبابٍ مختلفة، بالتالي لن يتحملها أيّ مدرب لا يزال في أوّل مشواره.
تجربة تشافي هذه ليست هي أوّل تجربة يُغامر فيها نادٍ مشهور بتجربة لاعب سابق، لكنها تصلح أن يغامر بها نادٍ صغير مثلاً، وحتى لو نجحت مرّة، فالمنطق الكروي يرفض ذلك، ومن غامر بها كان الفريق هو الضحية.
أعتقد بعد فشل كومان والآن تشافي، يجب أن تتغيّر عقلية الإدارة في جلبِ المدربين، ويجب أن يتوّقف الفريق عن جلبِ مدربين بدون أيّة خبرة، أو فقط لأنّهم أساطير النادي، بهدف تكرار تجربة غوارديولا، لأنّه من المستحيل أن تتكرر، والسلام.