تخبّط سويدي ورد تركي

26 يناير 2023
+ الخط -

مع اقترب موعد الانتخابات الرئاسية التركية، تغيّرت اللهجة السويدية تجاه تركيا، وهذا ما نلاحظه من كلام رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، الذي قال "إن السويد لا يمكنها تلبية جميع مطالب تركيا" حيث أتى هذا التصريح بعد العديد من المفاوضات والمباحثات بين البلدين من أجل ضم السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). وبعد هذا التصريح رأينا بعض الاحتجاجات المفتعلة المستفزة ضد تركيا في العاصمة السويدية، ستوكهولم، والآن يتم حرق القرآن الكريم من قبل السياسي العنصري، راسموس بالودان، المعروف بحملاته الصليبية ضد المسلمين والمهاجرين بحجة "حرية الرأي"، هذا المصطلح الفضفاض لدى الدول الأوروبية.

ولكن أنقرة لم تقف مكتوفة اليدين، حيث ألغت تركيا زيارة وزير الدفاع السويدي، بال جونسون، إلى تركيا، ردّاً على السلوك السويدي المستفز بإعطاء رخص لمظاهرات مناهضة لتركيا وللإسلام، وأتت التنديدات من كلّ رؤساء الأحزاب التركية، وعلى رأسهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي قال "إذا كنتم لا تحترمون المعتقدات الدينية لتركيا أو المسلمين، فلا تنتظروا منّا أي دعم فيما يتعلق بعضويتكم في الناتو".

الغريب بالموضوع أنّ دخول السويد إلى حلف الشمال الأطلسي، مرهون بموافقة تركية، ومع هذا نرى استفزازات سويدية متواصلة تجاه الجانب التركي.

من الممكن أن يكون سبب تغيّر اللهجة السويدية تجاه تركيا، هو أنّ السويد اقتنعت بخسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية القادمة، بعد ثلاثة شهور من الآن، وتريد رسم خريطة طريق جديدة مع القيادة الجديدة إذا تغيّر الحكم في تركيا.

 بعض المحللين الأتراك يقولون إنّ السويد لم تكن صادقة مع تركيا منذ البداية، وهي راضخة للوبيات حزب العمال الكردستاني، وإنّ ما قامت به من اجتماعات ومفاوضات مع تركيا كانت عبارة عن تمثيلية لإبداء حسن النية، كي تنضم إلى حلف شمال الأطلسي، فيما كان الجانب التركي واضحاً منذ البداية، حيث صرّح العديد من المسؤولين الأتراك برفض انضمام أي دول راعية للإرهاب إلى حلف شمال الأطلسي، وأنّ هذا الموضوع خط أحمر بالنسبة لتركيا.

إذا إستطاع حزب العدالة والتنمية الفوز في الانتخابات الرئاسية التركية القادمة، سيتوّجب على السويد إعادة ضبط إعدادات السياسة السويدية من جديد لكي ترضي أنقرة

أما الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة، فيقولون أنّ الأزمة التركية السويدية تمّ تأجيجها من قبل طرف ثالث لعرقلة انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، وهنا المقصود بالطرف الثالث، روسيا المعارضة لانضمام السويد، أو دول أخرى إلى الحلف الأطلسي، وهذا بدا جلياً خلال مسارات الصراع الروسي الأوكراني.

وأما الصحف العالمية، فكان لها رأي آخر، تمثّل بأنّ تركيا هي من تعرقل انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي، بخلطها بين ممارسة بعض الأشخاص العنصريين وبين ملف الانضمام، مفسّرة ما حصل على أنه عبارة عن تصرّفات شخصية تقع تحت سقف حرية الرأي ولا ينبغي أن تؤثر على علاقات البلدين، وأنّ تركيا تتقصّد وضع العصا في العجلة كي تساوم الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا في الملفات العالقة، كالعمليات العسكرية التركية في الشمال السوري، وتسليم بعض الشخصيات التابعة لحزب العمال الكردستاني في أوروبا، وموضوع التعاون في المجال العسكري التركي الأميركي وشراء الطائرات العسكرية الأميركية، أي أنّ تركيا تريد حلحلة كلّ الملفات العالقة مقابل انضمام السويد لحلف الناتو الذي أصبح هاجساً لكثير من الدول مثل أوكرانيا وفنلندا، وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي النهاية يمكن القول، إنه مهما كان السبب الكامن خلف تغيّر نبرة السويد تجاه تركيا ، تبقى النتيجة واحدة وهي "التخبّط السياسي السويدي" المترافق مع قصر النظر السياسي لدى الحكومة السويدية في ستوكهولم.

وإذا إستطاع حزب العدالة والتنمية الفوز في الانتخابات الرئاسية التركية القادمة، فسيتوّجب على السويد إعادة ضبط إعدادات السياسة السويدية من جديد لكي ترضي أنقرة، وإلا فإن انضمامها للناتو سيكون شبه مستحيل.

علي أسمر
علي أسمر
صحافي وإعلامي تركي. عمل كمنتج ومنسق مع عدد من القنوات الدولية، بدأ عمله كمنسق أخبار ويعمل الآن مشرف غرفة الأخبار في وكالة NEW TR News Agency.