بطاقة للأطفال: مشروع رائد لحماية أطفال تونس

04 يونيو 2022
+ الخط -

حماية الطفل هي مجموعة من الإجراءات والأطر التي تمنع حدوث الإساءة للطفل، واستغلاله، وإهماله، فضلاً عن حمايته من العنف الذي يؤثر على نفسيته، وذلك حسب ما ورد في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وجميع اتفاقيات حقوق الإنسان، والقوانين الوطنية النافذة. وتشير المادة 7 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطّفل أنه يسجّل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في جنسية، ويكون له قدر الإمكان، الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.

في تونس ورغم انخراط الدولة في هذه الاتفاقية ورغم ترسانة الحقوق التي تضمنتها مجلة الطفل، فإنّ الاعتداءات على الطفولة في تصاعد مستمرّ ومخيف، خاصة في ظل الإفلات من العقاب إذا ما تعلّق الأمر بالوالدين، رغم أن الدراسات تؤكّد أن أكثر من 60 في المائة من حوادث الاعتداء على الأطفال في تونس تتمّ داخل الفضاءات العائلية.

وهذه مسألة مهمّة وجب الانتباه إليها، فالمعاملة السيئة والاعتداءات المتكررة على الأبناء ينجرّ عنها فشل كبير في الدراسة ورغبة من الطفل في التحرّر من بطش وسلطة العائلة في الانقطاع عن الدراسة ومغادرة فضائه الطبيعي مبكّرا نحو الفضاء الأشمل وهو الشارع، حيث لا هويّة لديه ولا ضابط، وهذا ما يفسّر ارتفاع الجرائم التي يقوم بها أطفال، عادة ما يدلون بهويات مزيّفة ويُطلق سراحهم بقوّة القانون .ومن النادر أن يُتتبعوا إلاّ إذا تعلّق الأمر بجرائم خطيرة.

كما أن المعاملة السيئة التي يلقاها الطفل في محيطه العائلي تجعله لقمة سائغة لذئاب الشارع ويتمّ سنويا تسجيل آلاف الحالات لأطفال هربوا من جحيم الأسرة وانصهروا في المجتمع كأشخاص مجهولي الهويّة والكثير منهم اليوم في مراكز الإيقاف وحتى السجون وعائلتهم لا تعرف عنهم شيئا. وكذلك حال الأطفال القصّر الذي قاموا بالهجرة خلسة عبر قوارب الموت، والذين تجد السلطات صعوبة في التعامل مع ملفهم نظرا لافتقادهم هويات واضحة.

ومن خلال ما نتابعه ونعاينه يوجد الكثير من الأطفال التونسيين في مراكز إيواء خاصة في إيطاليا وإسبانيا لا يجري التعرّف على جنسيتهم ويعاملون معاملة سيئة ويتعرّضون لأبشع الاعتداءات لعلّ أقلّها التحرّش الجنسي وأقصاها القتل كما حدث مع الطفل قصيّ ذي الـ 17عاماً في إسبانيا.

بطاقة هوية الطفل ...مشروع رائد

من خلال ما تقدّم يظهر جليّا أن الاعتداءات على الطفولة والاختفاء القسري أو الطوعي هي ظواهر خطيرة تهدّد الطفولة في تونس ومع التقدّم التكنولوجي والتحولات العميقة، في علاقة الآباء والأبناء مع انحسار عمر الارتباط المباشر بينهما إلى سن 14 و15سنة وتكون في سن 10و12 في حال الانقطاع المبكّر عن الدراسة بدلاً عن 18 المعتمد عالميا. فقد بات ملحّا إيجاد آليات حماية جديدة للأطفال من الضياع والانحراف حيث تقدّمت المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط في هذا الإطار، بمشروع يتمثل في إجبارية اعتماد بطاقة هوية للطفل للسلطات المعنية.

ويتمثل في ضرورة استخراج الوالدين لأبنائهما بطاقة هويّة من سنّ السادسة إلى سن السابعة عشرة قبل أن تستبدل آليا ببطاقة التعريف الوطنية.

وفي هذه البطاقة يجب التنصيص على الاسم الثلاثي واسم الأم وتاريخ الولادة والعنوان. والأهم من كل هذا أن تكون حاملة لبصمة الطفل (ومن الضروري أن تكون بصمة إلكترونية) وحاملة لشعار الدولة التونسية كي يسهل استعادة الأطفال الجانحين في الخارج والذين بدأت تعجّ بهم مراكز الإيقاف للمهاجرين غير الشرعيين وحتى بعددٍ من بؤر التوتّر، إذ تشير الإحصائيات لوجود المئات من الأطفال التونسيين هناك .

ريم
ريم بالخذيري
دكتورة في الجريمة الاقتصادية، وناشطة في المجتمع المدني، ورئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسّط. مقيمة بسويسرا ولها مساهمات مكتوبة في الصفحاة التونسية و العربية. وكذلك عدد من المداخلات التلفزيونية والإذاعية.