المواطن والفساد: التحدي والفرص
في كلّ مجتمع، يلعب النظام السياسي دورًا حيويًا في تشكيل مستقبل الأمة. إلا أنّنا نجد أنفسنا أحيانًا في مواجهة تحدّ كبير، ألا وهو السلوك السياسي غير الأخلاقي الذي يقترن بالفساد.
من السهل جدًّا الانزلاق إلى الإحباط والقول: "الجميع فاسدون". إلا أنّنا يجب أن نتذكر أنّ السكوت وعدم العمل ليسا إلا تصعيدًا لهذه المشكلة. كما لا يمكننا تجاهل السلوكيات غير الأخلاقية اليومية مثل تأخير العمل وإضاعة الوقت، أو حتى محاولة زيادة الإيرادات الشخصية، دون مراعاة الآثار الأخلاقية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية على البلد.
يمثل الفساد، بأشكاله وأبعاده المتعدّدة، تهديدًا خطيرًا يهدّد أسس العدالة والتنمية، إذ هو ينحرف بالموارد العامة إلى جيوب القلّة على حساب مصلحة العامة. وفي الوقت نفسه، يساعد الفساد على أن تُواجه المشروعات التنموية بعقبات غير مبرّرة تهدّد استقرار الاقتصاد وتفاقم الاختلافات الاجتماعية. فعندما يمارس القادة السياسيون سلوكيات فاسدة، ينتج عنها فقدان الثقة في المؤسسات وتدهور الحوكمة.
وعلى الرغم من تعقيد المشكلة، لدى المواطنين القدرة على تحقيق التغيير الإيجابي، لكن الحل يبدأ من الأساس، أي من كلّ فرد. وهنا نعود ونقول مرّة أخرى، أنه من السهل أن نتساهل ونقول إنّ الجميع فاسدون. ولكن من الأفضل أن نتحدى هذا القول السهل ونتصرف بصوت واحد. فإذا أردنا مكافحة الفساد وتصحيح السلوك السياسي، يجب أن نبدأ من أنفسنا، بأن يكون جميع المواطنين على دراية بحقوقهم وواجباتهم في النظام السياسي. كما عليهم فهم كيفية عمل المؤسسات والإجراءات المتبعة والتأثيرات المترتبة على السياسات والقرارات. فالتوعية والتثقيف هما الأساس لبناء مجتمع يتمتع بالوعي والتفكير النقدي.
كما يمكن للمواطنين أن يحقّقوا التغيير من خلال المشاركة الفعالة في العملية السياسية، عبر صناديق الاقتراع واختيار القادة الذين يتمتعون بالنزاهة والقدرة على تحقيق تغيير حقيقي.
من خلال التوعية، والمشاركة، والمطالبة بالتغيير، يمكن للمواطنين أن يحدثوا فارقًا حقيقيًّا في مكافحة الفساد وتصحيح السلوك السياسي
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمواطنين المطالبة بإصلاح القوانين، واللوائح المكافحة للفساد، والعمل على تنفيذها بشكل صارم، ويجب أن تكون القيم الأخلاقية جزءًا لا يتجزأ من نهجنا في الحياة اليومية والعمل السياسي، وأن نقف ضد السلوكيات غير الأخلاقية، مثل تأخير العمل، وتضييع الوقت، والسعي اللا مسؤول لزيادة الإيرادات الشخصية على حساب المصلحة العامة.
في الختام، يمكن القول إنّ المواطنين هم أمل الأمة في التغيير، والسكوت وعدم العمل لن يحققا شيئًا. فمن خلال التوعية، والمشاركة، والمطالبة بالتغيير، يمكن للمواطنين أن يحدثوا فارقًا حقيقيًّا في مكافحة الفساد وتصحيح السلوك السياسي. لذا، لا تكون الشخص الذي يشتكي دائمًا ويقول "الجميع فاسدون"، بل كن جزءًا من الحل من خلال تبني القيم الأخلاقية والتصرّف بشكل إيجابي.