الاتفاق النووي بين العصا والجزرة

18 فبراير 2021
+ الخط -

خلال الفترة الماضية، إن أردنا التحدث حول الواقع السياسي في المنطقة تلقائياً يأتي الجواب حول مسار العلاقات (الأميركية -الإيرانية) بعد توتر وانقطاع العلاقة إثر خروج ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، مارس ترامب حصاره الاقتصادي والضربات الهادفة بالتعاون مع إسرائيل وبالمقابل مارست إيران سياسة ضبط النفس وعدم الرد ولكن حاولت تعزيز قوتها والرد على الحليف في بقع جغرافية مختلفة في المنطقة.

الاتفاق النووي

هي اتفاقية دولية حول البرنامج النووي الإيراني، تم التوصل إليها في يوليو/تموز 2015 بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة - الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة - بالإضافة إلى ألمانيا) والاتحاد الأوروبي، وفي 8 مايو/أيار 2018 انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية الدولية المشتركة وبدأ بمسار الضغط على إيران حيث دعم هذا القرار بعض الدول العربية وإسرائيل وعارضه البعض الآخر مثل الصين وروسيا ومعظم الدول الأوروبية، وأبرز من كان على الحياد مصر وقطر وعمان و الهند.

المرحلة الحالية لن تكون مفروشة بالورود، وللالتفاف على ذلك سيحاول بايدن الحصول على بعض التنازلات الإيرانية جراء الضغوطات الاقتصادية التي أنهكتها

بايدن والاتفاق النووي

خلال حملة بايدن الانتخابية، كان من الواضح رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي. ولكن لم يكن واضحاً كثيرا ًكيف ومن ضمن أي صيغة. ولكن تعيين روبرت مالي رئيس مجموعة الأزمات الدولية ومستشار السياسة الخارجية للرئيس السابق باراك أوباما هو دليل نية أميركية بالبدء بتنفيذ وعود بايدن بخصوص إجراء اتفاق نووي مع إيران. وخاصة أن أميركا تريد أن تتفرغ لملفات أخرى أكثر أهمية لها مثل روسيا والصين إضافة للملفات الداخلية، وتريد الخروج من نفق الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وتفويض بعض المهام من خلال الحلفاء (تعزيز منطق العولمة) ومن خلال اتفاقات وتسويات مع الخصوم.

العقبات

الصراع القائم حالياً بين العودة إلى اتفاق عام 2015 كما تطالب إيران، وبين تعديل اتفاق عام 2015 وتوسعته إلى الحوار حول النظام الصاروخي وسياستها الإقليمية كما يطالب بايدن. بايدن من غير الممكن العودة فقط إلى اتفاق 2015 لأنه سيواجه معارضة شرسة داخلية (الحزب الجمهوري) ومعارضة خارجية قوية أيضاً من قبل إسرائيل وبعض الدول العربية.

يعتبر بايدن أن بامكانه إجراء ضغوط وتسويات جانبية مع الدول العربية المعارضة ولكن بخصوص إسرائيل يعول على الانتخابات الإسرائيلية هذا العام من خلال فوز حزب قريب منه وتغيير نتنياهو.

فباتالي المرحلة الحالية لن تكون مفروشة بالورود، وللالتفاف على ذلك سيحاول بايدن الحصول على بعض التنازلات الإيرانية جراء الضغوطات الاقتصادية التي أنهكتها ومراهنة ايران على الاستفادة من وجود إدارة دبلوماسية وأكثر ليونة في المرحلة الحالية، التي يمكن أن تمكنه من تسهيل مهمته داخليا وخارجيا. ولكن حتى الآن يوجد تصلب في الموقف الإيراني جراء المطالبة بالعودة الى الاتفاق القديم.

المخارج

أحد المخارج التي يمكن أن تحصل الدمج بين مسار رفع العقوبات والبدء بمشوار المفاوضات بخصوص ملفي الصواريخ الباليستية والسياسة الإقليمية. ولكن هذا المخرج لن يحصل بالسهل بالفترة القريبة لأننا ما زلنا في فترة طرح أوراق القوة على الطاولة، ومرحلة الضغط من قبل القوى المعارضة للاتفاق مما يمكن ان يؤجج الصراع في المرحلة المقبلة على الأقل حتى حصول الانتخابات الإسرائيلية.

الفترة المقبلة

سيحاول بايدن إدخال الأوروبيين في هذا المسار، وفوض للفرنسيين تعزيز قنوات التواصل في المنطقة وفتح باب الحوار الغير مباشر والبدء بالمفاوضات في الملفات الأقل تأثيرا، كمحاولة لخرق جدار الانقطاع الكامل، وبالتوازي البدء بمسار حلحلة الملفات المعقدة كالملف اليمني كمحاولة لتقطيع الأزمات وتسويتها كمنطلق لإبرام اتفاق مقبل.

من هذا المنطلق يتمكن بايدن من تخفيف وهج معارضة الاتفاق حيث يكون أنهى إحدى نقاط تعديل الاتفاق وهو دور إيران في المنطقة، وفي المقلب الآخر يبقى موضوع الصواريخ الباليستية والجيوش الإيرانية حيث يمكن أن نشهد حروبا جانبية لتسوية هذه النقطة، وبناء على نتائج هذه الحروب إن كانت عسكرية أو سياسية توضح أكثر معالم الاتفاق المقبل.

والسؤال من سيدفع الثمن في المرحلة الحالية؟ ومن سيدفع الثمن بعد حدوث الاتفاق؟ لأن لا تسويات من دون ثمن وأحياناً دم!